للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو الذي يقتضيه قول الشيخ: ومتى صحت الحوالة، برئت ذمة المحيل.

أما إذا قلنا بأنه لا يبرأ قبل توفية المحال عليه الحق كما أورده في "التهذيب" والأكثرون [كما حكاه الرافعي]، وعليه يدل كلام الماوردي حيث قال: إنه يجري مجرى الضمان، وإنه لا رجوع له [بالحق] قبل أدائه؛ فلا يستقيم هذا البناء.

وقد عكس الماوردي هذا البناء، وقال: إذا ضمن عن إنسا ديناً على شرط أنه برئ منه، فإذا صح – كما هو قياس مذهب المزني – كانت حوالة بلفظ الضمان؛ لأن الألفاظ مستعارة.

وإذا قلنا: لا تصح – كما هو قياس [قول] ابن سريج – يكون ضماناً باطلاً؛ اعتباراً بظاهر اللفظ.

التفريع:

على القول بالصحة: هل تكون لازمة قبل قبض الحق من المحال عليه، كما في سائر الحوالات، أو لا تلزم إلا بالقبض؟ فيه وجهان حكاهما الإمام عن العراقيين، والأصح الأول.

وهل له أن يرجع على المحيل في الحال؟ ينظر:

إن قلنا: إنه يبرأ بمجرد الحوالة، فنعم – كما حكاه الرافعي – وعند القاضي أبي الطيب، وابن الصباغ: لا ما لم يغرم.

وإن قلنا: لا يبرأ، فالحكم فيه كالضامن مع المضمون [عنه] في هذا، وفي غيره من الأحكام كما سنذكره.

إلا أن الأصحاب جزموا هاهنا فيما إذا أدى بالإذن بالرجوع، وإن حكوا ثَمَّ وجهاً في أنه لا يرجع.

وأن الظاهر هاهنا – كما قاله مجلي – فيما إذا أدى بغير الإذن: أنه يرجع؛ لأن الحوالة تقتضي الإذن في القضاء؛ إذ مضمونها تحوُّل الحق وانتقاله، بخلاف الضمان؛ فإنه مجرد وثيقة، وإن كان الماوردي قد جزم بعدم الرجوع، وان المحال إذا أبرأ المحال عليه يخرج على الخلاف فيما إذا أبرأت الزوجة الزوج ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>