ومقتضى هذا: أن يكون الصحيح الثبوت، والذي حكاه الإمام والرافعي: أن الصحيح مقابله؛ ولذلك جعله القاضي الحسين المذهب.
والمذكور في "الحاوي": بناء الوجهين على الوجهين في أنها بيع عين بدين، أو بيع دين بدين؟ فإن قلنا بالأول ثبت، وإلا فلا.
وقد أجرى القاضي الحسين [هاهنا] والشيخ أبو محمد- على ما حكاه الإمام في باب الخيار وجه الثبوت في خيار المجلس دون خيار الشرط، وقال: إنه الأوجه إن لم يكن [من الخيار بد].
فرع: لو احتال على شخص بشرط أن يعطيه المحال عليه بالحق رهناً، حكى الماوردي في أواخر كتاب الرهن في صحة ذلك وجهين، وأنهما مبنيان على أنها بيع أو عقد إرفاق؟ فإن قلنا: إنها بيع جاز، وإلا فالشرط باطل، وفي بطلان الحوالة وجهان.
وقال هاهنا: إن الخلاف مبني على أنها بيع عين بدين أو بيع دين بدين؟ فإن قلنا بالأول صح اشتراط الرهن، وإن قلنا بالثاني فلا يصح.
وكذا الخلاف يجري فيما لو شرط أن يكون به ضامن – كما حكاه الإمام عن تخريج ابن سريج – فيجوز على القول [بأنها بيع، ويمتنع على القول] بأنها استيفاء.
قال: وإذا صحت الحوالة برئت ذمة المحيل، وصار الحق في ذمة المحال عليه.
قال الماوردي: وهذا إجماع.
وفي "تعليق" القاضي أبي الطيب وغيره أن زفر قال: لا يبرأ؛ كما لا يبرأ الضامن.
ودليلنا: أن الحوالة مشتقة من التحويل؛ ينبغي أن يعطي اللفظ حقه من الاشتقاق، وليس كذلك الضمان؛ فإن اشتقاقه من انضمام ذمة إلى ذمة أخرى؛ فلذلك تعلق الحق بذمة الضامن وذمة المضمون عنه، كذا قاله القاضي.