فلو صدَّق العبد في دعوى الحرية البائع والمشتري، وكذبهما المحتال – لم تبطل الحوالة، إلا أن تقام بينة عليها.
قال الرافعي وغيره: وهذه البينة يتصور أن يقيمها العبد، ويتصور أن يبتدئ بها الشهود على سبيل الحِسْبة.
قال صاحب "التهذيب": ولا يتصور أن يقيمها المتبايعان؛ لأنهما كذباها بالدخول في البيع، وكذلك ذكر الروياني.
قلت: وفيما قيل من إمكان إقامة البينة من العبد نظر؛ لأن المشتري إذا صدق العبد في دعوى الحرية عَتَقَ، ولا يتوقف عتقه على تصديق المحتال؛ فدعواه عليه غير مسموعة، وبينته من طريق الأولى، وقد وقفت في "تعليق" أبي الطيب على تصوير المسألة بما إذا اشترى عبداً بألف وقبضه، ثم باعه، وأحال على المشتري الأول البائع منه بالألف رجلاً، ثم تصادق البائع الأول والمشتري منه على أن العبد حر، ولم يصدقهما المشتري الثاني، فإن كان إطلاق الأصحاب محمولاً على هذه الصورة فقد اندفع الإشكال؛ فإن العبد والحالة هذه لا يحكم بحريته. والله أعلم.
وللبائع والمشتري عند عدم البينة تحليف المحتال على نفي العلم، فإن حلف بقيت الحوالة في حقه، وله أخذ المال، وهل يرجع المشتري على البائع المحيل بشيء؟ قال في "التهذيب": لا؛ لأنه يقول: ظلمني المحتال بما أخذ، والمظلوم لا يرجع إلا على من ظلمه.
وقال الشيخ أبو حامد، والقاضي ابن كج، والشيخ أبو علي: يرجع؛ لأنه قضى دينه بإذنه، فعلى هذا: يرجع إذا دفع المال إلى المحتال، وهل يرجع قبله؟ فيه وجهان.
فإن نكل المحيل حلف المشتري، ثم إن جعلنا اليمين كالإقرار بطلت الحوالة، وإن جعلناها كالبينة فالحكم كما لو حلف.