أحدهما: أن سماع الدعوى من البائع على المحتال بماذا؟ فإنه بعد وقوع الحوالة غير مطالب، ولا له حق بزعمه عند المشتري حتى إذا بطلت الحوالة رجع به.
الثاني: أن تحليف المشتري مع القول بأن يمينه مع النكول كالبينة لا معنى له؛ إذ لا يترتب عليه شيء؛ فينبغي ألا يحلف كما ذكره الأصحاب في غير هذا الموضع، ورطيق الجواب عن دعوى البائع أن يقال: البائع له إجبار من له عليه حق حال قبضه على الصحيح فيحضره إليه، ويدعي عليه استحقاق قبضه بحكم بطلان الحوالة بسبب حرية العبد الذي أحاله بثمنه، والله أعلم.
قال: وإن وجد بالمبيع عيباً فرده لم تبطل الحوالة؛ لأن بمجرد الحوالة انتقل ملك البائع عن الثمن إلى المحتال فلم يكن للمشتري إبطال ذلك بالرجوع؛ كما لو كان الثمن عيناً فباعها من أجنبي.
قال: بل يطالب المحتال المشتري بالمال [بحكم الحوالة] لبقاء ملكه عليه، ويرجع المشتري على البائع [به]، أي: ببدله [كما يقول ذلك فيما لو كان [الثمن] عيناً وقد خرج] عن ملكه. وهذا الذي ذكره الشيخ هو الصحيح في الطرق، وادعى ابن الصباغ والقاضي أبو الطيب في "تعليقه" إجماع الأصحاب عليه.
وفي "النهاية": أن منهم من الحق هذه الصورة بالتي تليها، وعلل بأن الحوالة وإن تعلقت باستحقاق ثالث فإنها تبع للبيع، والتبعية لا تزول، ثم قال: وهذا وإن كان منقاساً فهو غريب، حكاه العراقيون والقاضي وغيرهم.
قلت: ويؤيد الحكاية عن العراقيين: أن القاضي أبا الطيب في "شرح الفروع" لابن الحداد حكى فيما إذا أحالت الزوجة على الزوج بالصداق، ثم طلقها قبل الدخول وقبض المحتال – أن من أصحابنا من قال: لا يرجع الزوج عليها بشيء، ويدفع [إليها] الزوج نصف الصداق، وأن الصحيح ما قاله ابن الحداد، وهو أنه يرجع عليها بنصف الصداق.