فإن قلنا: إنها استيفاء، انفسخت الحوالة؛ لأنها على هذا التقدير – نوع إرفاق ومسامحة؛ فإذا بطل الأصل بطلت هيئة الإرفاق التابعة له؛ كما إذا اشترى شيئاً بدراهم مكسرة، وتطوع بأداء الصحاح ثم رده بالعيب – فإنه يسترجع الصحاح.
وإن قلنا: إنها اعتياض، لم تبطل؛ كما لو استبدل عنه عيناً، ثم رد المبيع بالعيب؛ فإنه لا يسترد العين.
على أن القاضي أبا الطيب والروياني منعا الحكم في هذه المسألة، وجعلاها كمسألة الحوالة، والذي رجحه القاضي ابن كج والغزالي من القولين – قول الانفساخ.
ثم اعلم أن محل الخلاف بالاتفاق: ما إذا كان الرد بعد قبض المبيع، أما إذا كان قبله: فمنهم من جزم بالانفساخ، ومنهم من طرد الخلاف وهو الأصح.
وفي "الحاوي": تخصيص محل القولين في انفساخ الحوالة بما إذا وقع الرد بالعيب بحكم الحاكم، وواق المحتال على أن ما وقعت الحوالة به هو الثمن، أما إذا لم يوافق [على ذلك، أو وافق] ووقع فسخ البيع بينهما من غير حاكم – فلا تبطل الحوالة وجهاً واحداً، وحكم الفسخ بسبب الإقالة أو التخالف وغيرهما حكم الفسخ بالعيب.
وعلى رأي الماوردي ينبغي ألا يجري في الإقالة، كما إذا توافقا على الرد بالعيب من غير حاكم من طريق الأَوْلى.
وقد ألحق الإمام وغيره بذلك فسخ النكاح بالعيب وانفساخه بالردة والرضاع، إذا كان الدين الحال به صداقاً، وأجري أيضاً فيما إذا طلق الزوج [قبل] الدخول.
ومنهم من جعل الخلاف في ذلك مرتباً على الخلاف في غيره، وأولى بعدم الانفساخ، وهو ما جزم به ابن الحداد.