والفرق: أن الطلاق سبب حادث، لا استناد له إلى ما تقدم، بخلاف الفسخ، ولأن الصداق أثبت من غيره، وكذلك لو زاد زيادة متصلة، لم يرجع في نصفه إلا برضاها، بخلاف ما إذا كانت في المبيع.
قال: وإن اختلف المحيل والمحتال، فقال المحيل: وكلتك في القبض، وقال المحتال: بل أحلتني.
نقدم على الكلام في هذه مسألةً وهي:
إذا قال رجل لمن لا حق له عليه: أحلتك على فلان بما لي عليه، كانت وكالة في جميع أحكامها، صرح بذلك صاحب "الاستقصاء" وغيره، وحكاه المتولي عن ابن سريج.
ثم قال: وهذا على طريقة من ينظر إلى المعنى عند استعمال اللفظ في غير موضوعه، أما على طريقة من يعتبر اللفظ فلا تنعقد وكالة، وعلى الأول: إذا جرى مثل هذا اللفظ مع من له عليه دين وقال: قبلت، ثم اختلفا، وهي صورة مسألة الكتاب، فقال المحيل: أردت الوكالة، وقال المحتال: بل الحوالة – قال: فالصحيح أن القول قول المحيل؛ لأنهما اتفقا على ملك المحيل للدين، والمحتال يدعي انتقال الدين إليه وبراءة ذمة المحيل به، والأصل عدمه، ولفظ الحوالة كما يستعمل في نقل الحق يستعمل في نقل الطالبة، وهذا ما ذهب إليه المزني وأكثر الأصحاب؛ كما حكاه الرافعي.
قال: وقيل: [إن] القول قول المحتال؛ لأن ظاهر اللفظ وافق دعواه، فكان حمل الحكم على ما يقتضيه ظاهر اللفظ أولى من حمله على ما يخالفه، وهذا ما ذهب إليه ابن سريج، وحكى الرافعي عن القاضي الحسين القطع به، وأنه حمل ما حكى عن المزني على ما إذا اختلفا في أصل اللفظ، فقال المحيل: وكلتك بلفظ الوكالة، وقال المحتال: بل أتيت بلفظ الحوالة واردتها، فإن القول قول المحيل بلا خلاف.
والذي رأيته في "تعليقه" تصحيحه لا القطع به.
وفي "تعليق" البندنيجي: أن ابن سريج حكى الوجهين، وقال:[إن] أصلهما