إن كان بتفريط منه كان من ضمانه، وإن كان بغير تفريط تلف من مال المحيل، وحق المحتال باق في ذمة المحيل، جزم به الماوردي، وفي "تعليق" البندنيجي رواية وجه: أن المال يتلف من ضمان المحتال، وأنه ليس بشيء.
ووجهه الإمام بعد حكايته عن رواية صاحب "التقريب" بأنا إنما عجلنا القول قوله؛ لأن الأصل بقاء طَلِبته على الآخر، وهو يدعي استيفاءه، فإذا آل الأمر إلى الغرامة فالأصل أن ماله لا يكون أمانة إلا أن يقر بها، ومن تلف في يده ملك غيره فالأصل أن يكون مضموناً عليه.
وإن قلنا:[بمذهب ابن سريج] فيحلف المحيل – كما قال [القاضي] أبو الطيب – بالله: لقد أحلته وما وكلته؛ فيبرأ في الظاهر من الدين، ثم ينظر:
فإن لم يكن قد قبض المال من المحال عليه فله مطالبته به في الظاهر والباطن؛ لأنه قد ثبت أنه محتال فله مطالبته بالحوالة، وهو مقر بأنه وكيل وأن له المطالبة بالوكالة؛ فلم ينك ثم ما يمنع من المطالبة [به].
فرعان:
أحدهما: إذا كان لرجل على رجل ألف درهم، فطالبه به، فادعى أنه أحال [به] فلاناً الغائب – فالقول قول رب الدَّيْن، فإن أقام المديون بينة بالحوالة سمعت وسقطت المطالبة عنه، ولا يقضي بها للغائب على من له الدين؛ لأن القضاء للغائب لا يجوز، فإذا حضر الغائب وادعى احتاج إلى إقامة البينة حتى يقضي له بها، كذا قاله [القاضي] أبو الطيب.
وفي "الزوائد" حكاية عن ابن سريج: أنه لا حاجة عند حضوره إلى إقامته البينة؛ لأنه إنما يدعي بالحوالة على المحال عليه وهو مقر [له]. وهذا ما أبداه في "الاستقصاء" احتمالاً.