وحكى ابن الصباغ والبندنيجي عن الأصحاب: أن الأوجه تجري فيما إذا وكل إنساناً في أن يشتري له عبداً بألف، وأدى الوكيل ذلك من ماله؛ إذ المطالبة متوجهة عليه.
وقال الماوردي: إن الحكم في الوكيل كما ذكره في الضمان، وروى الإمام رمزاً عن صاحب "التقريب" فيما إذا ضمن بالإذن، وأدى بالإذن من غير شرط الرجوع: أنه لا يرجع.
وقد حكيت مثله وجهاً عن رواية الماوردي فيما إذا صالح عن المنكر أجنبي بإذنه.
قال: وإن ضمن بغير إذنه لم يرجع؛ لأن الأداء فرعُ الضمانِ ولم يأذن فيه، فكان كما لو قضى دينه بغير إذنه، وهذا هو الأصح.
قال: وقيل: إن دفع بإذنه رجع؛ لأن الأداء هو المقصود، وقد حصل بالإذن، وخص الماوردي محل هذا الوجه بما إذا قاله له: أدِّ عني ما ضمنته، وجزم بعدم الرجوع فيما إذا [قال: أد ما ضمنته، من غير أن يقول: أدِّ عني، وجزم بالرجوع فيما إذا] قال [له]: أدِّ عني ما ضمنته لترجع عليَّ به.
ولم يجعل الإمام لهذه الزيادة أثراً في الرجوع، وبني القاضي الحسين الكلام في هذه المسألة على ما إذا قال ابتداء لشخص: أدِّ ديني، من غير شرط الرجوع، وفي ذلك وجهان، أصحهما: أنه يرجع، فإن قلنا بأنه لا يرجع فهاهنا أولى، وإن قلنا بالرجوع فهاهنا وجهان، والفرق: أن في الضمان قد التزم فغلب في أدائه القيام بما وجب عليه، وقد حكى الإمام عن شيخه في مسألة الأداء بالإذن من غير ضمان: أنه رتبها على ما إذا وهب إنسان لإنسان شيئاً من غير شرط الثواب، وهاهنا أولى بالرجوع؛ لوجهين:
أحدهما: أن الهبة في صيغتها مصرَّحة بالتبرع، وليس كذلك الأمر بالأداء.
والثاني: أن المتبرع مبتدئ بالهبة، والاستدعاء فيما نحن فيه قرينة من ثبوت الرجوع.