وتجري هذه الأوجه أيضاً فيما إذا كان الأصيل حاضر الأداء على الوجه الصائر إلى وجوب الإشهاد بحضرة الأصيل.
وإن غرم رب الدين الأصيل، فهل للضامن الرجوع عليه بما غرمه فيه وجهان، أصحهما في "تعليق" القاضي الحين وغيره فيما إذا كان المضمون عنه حاضر الأداء: الرجوع، وفيما إذا كان غائباً: العدم، وبه جزم البندنيجي.
فإن قلنا: إن له أن يرجع عليه، فله تحليفه إذا أنكر.
وإن قلنا: لا يرجع عليه، فينبني تحليفه على أن النكول مع اليمين كالبينة أم الإقرار؟ فإن قلنا: كالبينة، كان له تحليفه، وألا فلا، كذا صرح به المتولي.
فرع: إذا أشهد من يكتفي به في الرجوع، فمات أو غاب، فلا أثر لذلك فيمنع الرجوع إذا صدق المضمون عنه على جريان الإشهاد، إلا أن يشهد من يعرف أنه يظعن عن قريب.
وفي "النهاية" حكاية وجه فيما إذا مات من أشهده: أنه لا يرجع إذا لم ينتفع المضمون عنه بأدائه – فإن القول قول رب الدين في نفي الاستيفاء، ولو كذبه في دعواه الإشهاد، فالقول قول المضمون عنه على الأصح، وفيه وجه: أن القول قول الضامن؛ لأن الأصل عدم التقصير.
ولو عين الضامن شاهدين، وقال: إنه أشهدهما، فكذباه، فهو كما لو لم يشهد. ولو قالا: لم نذكر وربما نسينا، ففيه تردد للإمام.
فرع: إذا كان الضامن بحيث إذا غرم رجع، فهل له مطالبة المضمون عنه بشيء قبل الأداء؟
قال الأصحاب: إن طولب الضامن بأداء الدين وحبس، فله مطالبة المضمون عنه بتخليصه إن كان بالغاً عاقلاً، وإن كان صغيراً وقد أذن أبوه في الضمان فكذلك له مطالبة الأب بتخليصه قبل بلوغ الصبي، وبعده يطالب الصبي الذي بلغ، كما صرح به الماوردي.