وإن لم يطالب فهل له المطالبة بتخليصه؟ فيه وجهان، أصحهما: لا.
فعلى هذا: للضامن أن يقول للمضمون له: إما أن تبرئني من الحق، وإما أن تطالبني به لأطالب المضمون عنه بفكاك ذمتي، هكذا حكاه البندنيجي عن أبي العباس.
وقد حكى عن القفال وجه: أن الضامن ليس له المطالبة بالتخليص، وإن طالب ما لم يغرم، والمشهور هو الأول.
ومعنى التخليص: أن يؤدي دين المضمون له ليبرأ ببراءته.
وقد حكى الأصحاب: أن أصل الوجهين في تمكن الضامن من المطالبة بالتخليص قبل المطالبة وجهان خرجهما ابن سريج: في أن مجرد الضمان هل يثبت للضامن حقًّا على الأصيل ويوجب عُلْقةً بينهما أم لا؟ وبعضهم حكى هذا الخلاف قولين، وبنوا على هذا الأصل أربع مسائل أخر:
منها: أن الضامن هل يتمكن من تغريم الأصيل المال قبل أن يغرم؟ فيه وجهان ذكرهما الشيخ أبو محمد.
ومنها: إذا أخذ المال هل يملكه؟ فيه وجهان، فإن قلنا: إنه يملكه، فله التصرف فيه كالفقراء إذا أخذوا الزكاة المعجلة، لكن لا يستقر ملكه عليه إلا بالغرم، حتى لو أبرأه المستحق رد ما أخذه.
ومنها: أن الضامن إذا حبس هل له حبس المضمون عنه، وقد قلنا: له المطالبة بتخليصه كما قيده الإمام؟ فيه وجهان، والأصح: لا.
ومنها: لو أبرأ الضامن الأصيل مما سيغرمه هل يبرأ؟ إن قلنا: إن الضمان بمجرده يثبت عُلْقَةً، صح، وألا خرج على الإبراء مما لم يجب ووجد سبب وجوبه.
ومنها: لو رهن المضمون عنه عند الضامن شيئاً على ما سيغرمه هل يصح؟ فيه وجهان، وهما يجريان في الضمان:
فإن صححناه وشرط في ابتداء الضمان أن يعطيه بما يضمنه ضامناً أو رهناً – صح، فإن وفىَّ به وألا فله فسخ الضمان.
وإن أفسدناه فشرطه في ابتداء الضمان، فسد به الضمان على أصح الوجهين.