للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} [يوسف: ٧٨]، قيل: وذلك كفالة البدن.

وقد روى أن عبد الله بن مسعود لما ضرب عنق عبد الله بن النَّوَّاحة؛ لكونه أذَّن في مسجده مسجد بني حنيفة، وقال [فيه]: أشهد أن مسيلمة رسول الله –شاور الصحابة في بقية من كان في المسجد حين الأذان، فقال عدي بن حاتم: تُؤْلُولُ كُفْرٍ قد اطلع رأسه فاحْسِمْه وقال غيره: استَتِبْهم، [فإن تابوا كفَّلْهم عشائرهم وإلا قتلوا، فاستتابهم] فتابوا، فخلَّى عنهم وكفَّلهم عشائرهم. وهذا يدل على إجماعهم على أن الكفالة بالبدن صحيحة.

ولأن بالناس حاجةً إليها كحاجتهم لكفالة المال.

ولأن البدن يستحق تسليمه بعقد النكاح والإجارة؛ فاستحق تسليمه بعقد الضمان كالدين.

والثاني: لا يصح؛ لقوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَاخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: ٧٩]، [فكان قوله ذلك إنكاراً للكفالة أن تجوز حين سأل إخوته أن يأخذ أحدهم كفيلاً عمن وجد متاعه عنده].

ولأنها كفالة بعين؛ فلم تصح كالكفالة ببدن الشاهد والزوجة.

ولأن المكفول به لا يجب عليه تسليم نفسه، وإنما يجب عليه الخروج مما عليه من الحق، وحبسه – إن حبس – ليخرج من الحق، فَلأَلاَّ يجب على الكفيل تسليم المكفول به أولى، وهذا القول أخذ من قول الشافعي في "الدعاوى والبينات" بعد أن نص على جوازها: "كفالة البدن ضعيفة".

وأجاب من صار إليه عن أثر ابن مسعود بأنه وقع بعد التوبة، [ثم هو] ضمان [من عليه حد لله تعالى، والخصم يسلم عدم صحة الضمان به].

وهذه الطريقة صار إليها المزني، وأبو إسحاق، وابن أبي هريرة والقاضي أبو حامد.

<<  <  ج: ص:  >  >>