وقد روى أن عبد الله بن مسعود لما ضرب عنق عبد الله بن النَّوَّاحة؛ لكونه أذَّن في مسجده مسجد بني حنيفة، وقال [فيه]: أشهد أن مسيلمة رسول الله –شاور الصحابة في بقية من كان في المسجد حين الأذان، فقال عدي بن حاتم: تُؤْلُولُ كُفْرٍ قد اطلع رأسه فاحْسِمْه وقال غيره: استَتِبْهم، [فإن تابوا كفَّلْهم عشائرهم وإلا قتلوا، فاستتابهم] فتابوا، فخلَّى عنهم وكفَّلهم عشائرهم. وهذا يدل على إجماعهم على أن الكفالة بالبدن صحيحة.
والثاني: لا يصح؛ لقوله تعالى:{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَاخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}[يوسف: ٧٩]، [فكان قوله ذلك إنكاراً للكفالة أن تجوز حين سأل إخوته أن يأخذ أحدهم كفيلاً عمن وجد متاعه عنده].
ولأنها كفالة بعين؛ فلم تصح كالكفالة ببدن الشاهد والزوجة.
ولأن المكفول به لا يجب عليه تسليم نفسه، وإنما يجب عليه الخروج مما عليه من الحق، وحبسه – إن حبس – ليخرج من الحق، فَلأَلاَّ يجب على الكفيل تسليم المكفول به أولى، وهذا القول أخذ من قول الشافعي في "الدعاوى والبينات" بعد أن نص على جوازها: "كفالة البدن ضعيفة".
وأجاب من صار إليه عن أثر ابن مسعود بأنه وقع بعد التوبة، [ثم هو] ضمان [من عليه حد لله تعالى، والخصم يسلم عدم صحة الضمان به].
وهذه الطريقة صار إليها المزني، وأبو إسحاق، وابن أبي هريرة والقاضي أبو حامد.