للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وقيل: تصح قولاً واحداً؛ لما ذكرناه. وقد صار إلى هذه الطريقة ابن سريج وطائفة من متقدمي الأصحاب، وحملوا قول الشافعي: إنها ضعيفة، على ضعفها من جهة القياس.

وما أجاب به القائلون بالمنع عن أثر ابن مسعود: بأن الاستدلال به وقع من جهة أن الصحابة أمروا بأن يُكَفِّلَهم عشائرهم، وذلك منهم دليل على أن كفالة البدن مشهورة عندهم، لا من خصوص هذه الكفالة، كما استدل الأصحاب بمثل ذلك في قول الصحابة لعمر - رضي الله عنه - في حق ولديه: يا أمير المؤمنين، لو جعلته قراضاً.

التفريع:

إن قلنا بالبطلان فلا كلام، وإن قلنا بالصحة فله شروط:

أحدها: أن يكون عارفاً بالمكفول بدنه.

وهل يشترط أن يكون عارفاً بالمكفول له؟ فيه وجهان.

الثاني: أن يكون على المكفول بدنه حق يستحق المطالبة به، سواء كان ثابتاً في الظاهر أم لا، هكذا قال الماوردي.

وقال البندنيجي وغيره: أن يكون على المكفول به حق يصح ضمانه.

وما قاله الأول يقتضي جواز الكفالة ببدن امرأة يدعي رجل زَوْجِيَّتها، وكذا الكفالة بها لمن ثبتت زوجيَّتُه، وكلام البندنيجي وغيره يقتضي عدم ذلك، وقد صرح به القاضي أبو الطيب وابن الصباغ عند الكلام في توجيه القولين في صحة الكفالة، ويقرب منه قول المتولي: إن حكم الكفالة ببدنها حكم الكفالة ببدن من عليه قصاص؛ لأن المستحق عليها لا يقبل النيابة.

وما ذكرناه في ضمان المرأة يجيء مثله في ضمان البد الآبق، وقد صرح ابن سريج بأنه يصح ضمانه.

ومقتضى كلام الماوردي: أنه تصح الكفالة ببدن الكفيل؛ كما صرح به في "المهذب"، وعلى قول البندنيجي يلزم منه الدَّوْر؛ لأنا لا نعلم: أنه يصح ضمانه

<<  <  ج: ص:  >  >>