إلا أن ابن سريج خرج فيها وجهاً آخر سها فيه: أن قول الوكيل مقبول على موكله.
وقد حكى ابن الصباغ عن أبي حينفة: أن الموكل إذا صدق الوكيل، فلا ضمان على الوكيل، فإذا كذبه؛ القول قوله، ثم قال: وحكى أبو العباس وجهاً مثل ذلك، كما يقبل قوله على موكله بالبيع، والقبض؛ على أحد القولين.
وحكى الإمام قبول قول الوكيل في ذلك وجهاً عن رواية صاحب التقريب أيضاً.
وإذا كان قول الوكيل مقبولاً على موكله في الأداء عند قوم، كانت فائدته سقوط الضمان؛ كما صرح به الإمام فيما إذا جعلنا القول قول الوكيل فيما إذا ادعى الرد على رسول الموكل، وكذبه الموكل في الرد؛ فإن فائدته سقوط الضمان.
نلخص من ذلك: أن الوكيل غير ضامن على وجه، سواء صدقه الموكل في الأداء، أم لا.
وقد خص الماوردي في كتاب الوديعة محل الخلاف في ضمان الوكيل عند تصديق الموكل بما إذا لم يكن الدين ببينة، أما إذا كان ببينة، فإنه يضمن وجهاً واحداً.
فإن قيل: قد حكيتم عن الماوردي: أنه حكى أن القولين المذكورين عن الشافعي فيما إذا قال الوكيل: بعت، وأنكر الموكل – محكيان عنه أيضاً [فيما إذا وكله] في إقباض المال، وحكيتم ثَمَّ: أن جماعة رجحوا من القولين قبول قول الوكيل، وجعلتم – هاهنا- قبول قول الوكيل في الأداء وجهاً لبعض الأصحاب، ومن تخريج ابن سريج، وأنه سها فيه، وذلك تناقض:
قلنا: محل القولين – كما حكاه الماوردي ثَمَّ – فيما إذا صدق القابض الوكيل، وكذبه الموكل، وهاهنا محل خلاف ابن سريج وغيره مع الجمهور بالعكس من تلك المسألة، ولم يجتمع الكلامان على محل واحد؛ فلا تناقض.