نعم: أطلق القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ القول فيما إذا صدَّق الغريمَ الوكيلُ في القبض: أنه لا يضمن، وهذا الإطلاق لا اعتراض عليه إذا كان الموكل مصدقاً – أيضاً – أما إذا كان مكذباً، فقد قال المحاملي والبندنيجي: إنه لا فائدة في هذا الاختلاف؛ لأن العين – أي: التي وفيت في الدين – إن كانت تالفة سقط الدين باعتراف من هو له عليه ببراءة ذمته منه، وإن كانت باقية، فهو بالخيار بين أن يأخذها، ويقضي الدين منها، أو من غيرها.
وما قالاه فيه نظر؛ لأنا إن جعلنا القول قول الوكيل في الإقباض؛ على قول – كما حكيناه عن رواية المارودي – استقام ما قالاه في حالة التلف، دون حالة البقاء.
وإن جعلنا القول قول الموكل، استقام ما قالاه [في] حالة البقاء دون حالة التلف؛ فإنه ينبغي فيها أن تجري أقوال التقاص بين الموكل والغريم، فإن لم يره، اتجه تضمين الوكيل على المذهب قال: وإن أشهد شاهدين ظاهرهما العدالة – [أي] ثم بانا فاسقين – أو شاهداً واحداً، فقد [قيل:] يضمن؛ لتقصيره؛ حيث لم يتفحص عن حال الشهود، واكتفائه ببينة مختلفٍ فيها؛ وهذا ما اختاره في المرشد، وفي المسألة الثانية.
قال: وقيل: لا يضمن؛ لأن طلب الأسرار، ومعرفة باطن [أحوال] الشهود من مصب الحاكم؛ فلا ينسب في تركه إلى تقصير، والشاهد الواحد مع اليمين حجة في الأموال؛ كالشاهدين؛ وهذا هو الأصح في الجيلي في المسألتين، وهو ماحكينا مثله في كتاب الضمان.
ولا يخفى أن هذا الخلاف مفرع على المذهب في أن الأداء من غير إشهاد مضمَّن، وأن محله إذا لم يحصل المقصود بمن أشهده، أما إذا حصل؛