ومنهم من يقول: يكره، وسيأتي – إن شاء الله تعالى – [ذكر قريب] من ذلك في "باب اللقطة".
قال الإمام: وقد تردد أئمتنا في تسمية الوديعة عقداً [أم لا]، وإن سبب الاختلاف الاتفاق على أن القبول من المودع ليس بشرط.
وقال القاضي الحسين: إن الخلاف مبني على أن الصبي إذا أتلف مال الوديعة هل يجب عليه الضمان؟ وفيه قولان، فإن قلنا: لا يجب، فهي عقد، وإلا فلا.
والذي يدل عليه إطلاق الجمهور: أنها عقد، وكذلك قال الشيخ: وللمودِع والمودَع فسخها.
قال الإمام: وليس للاختلاف في أنها عَقْدٌ فائدةٌ فقهية.
قلت: بل له فوائد، ذكر هو منها فائدتين في باب الزيادة في الرهن؛ حيث قال: لو أودع بهيمة أو جارية فولدت في يد المودَع، ففي ولدها وجهان:
أحدهما: أنه وديعة.
والثاني: لا، وهذا القائل يقولك إنه ليس مضموناً؛ بل هو كالثوب تهب به الريح فتلقيه في دار إنسان، ثم قال: وهذا الخلاف له التفات على خلاف الأصحاب في أن الوديعة له عقد أم لا.
وهذا ما صرح به القاضي الحسين هاهنا وغيره.
ثم قال الإمام: ومن أدنى آثار الخلاف: أنه لو أودع وشرط شرطاً فاسداً، فمن جعل الوديعة عقداً أفسدها، ولابد من ائتمان جديد، وألا كان كما لو طيَّر الريح الثوب.
وإن لم يجعل الوديعة عقداً فالشرط لا يؤثر فيها أصلاً، بل يلغو الشرط الفاسد، ويبقى موجب الإيداع، وحكى القاضي الحسين في باب الوكالة [طريقة] ثالثة – حكاها عنه الغزالي هاهنا – وهي أن المودَع إذا عزل نفسه