للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في غيبة المودِع هل ينعزل؟ وفيه وجهان ينبنيان على أن الوديعة عقد أم لا؟

فإن قلنا: ليست بعقد، فلا ينعزل؛ لأن ابتداءه بالفعل [فكذا رفعه وجب أن يكون بالفعل].

وإن قلنا: إنها عقد، فإذا عزل نفسه انعزل، وتنقلب أمانةً، فإن هلكت قبل التمكن من الرد على المالك لم يضمن، وبعد التمكين [على وجهين]، ومراده: أنها تنقلب أمانة -أي: من جهة الشرع - كما إذا طير الريح الثوب. وقد صرح في "الوسيط" وغيره بجريان الخلاف في طيران الثوب، كما صرح به القاضي عند التلف بعد العزل.

والمجزوم به في طرق العراق - كما حكاه ابن الصباغ في كتاب الرهن وغيره -: أنه متى تمكن من الرد في مسألة طيران الثوب ونحوها، فلم يعلم المالك بها ولم يرد: أنه يضمن، مع الجزم بأن الوكيل إذا عزل لا يضمن ما لم يطالب بالرد فيمتنع منه، وفرق أبو الطيب بأنه وضع اليد على العين في الوكالة بإذن صاحبها، بخلاف الثوب، وهذا بعينه موجود في الوديعة؛ فإن وضع اليد عليها كان بإذن مالكها.

وقد حكى الإمام في مسألة طيران الثوب إلى داره أن ذلك بمنزلة الالتقاط، وفيه خلاف، وقال هاهنا: إنه حكاه في فصل الركاز من كتاب الزكاة.

فإن جعلناه لقطة لم يَخْف حكمه، وإن لم نجعله لقطة فهو أمانة، وفي وجوب الإشعار بها تردد، والظاهر: أنه لا يجب طلب المالك؛ فإن وجوبَ التعريف في معاضرة تسليط الملتقط على التملك، وذهب بعض أصحابنا إلى وجوب الإشعار به.

قال - رحمه الله -: لا يصح الإيدا إلا من جائز التصرف؛ لأنه تصرف في المال فلم يصح من الصبي، والمجنون، والسفيه والعبد- إن جعلنا له ملكاً - كالبيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>