قال: وإن أودع صبيًّا مالاً، فتلف عنده بتفريط أو غير تفريط – لم يضمنه؛ لأنه لا يلزمه الحفظ فلم يلزمه الضمان؛ كما لو تركها عند بالغ من غير إيداع، وإن فرط فيه.
قال: وإن أتلفه ضمنه؛ لأنه لم يسلطه على الإتلاف فضمنه؛ كما لو أذن له في دخول داره لأكل شيء فأتلف غيره، وهذا ظاهر المذهب في "البحر"، والأظهر في "الشامل".
قال: وقيل: لا يضمن؛ كما لو باع منه شيئاً وسلمه إليه.
والفرق على الأول: أن البيع يتضمن التسليط على التصرف، بخلاف الإيداع، وقد حكى بعض الأصحاب هذا الخلاف قولين، وبعضهم وجهين، وهو يجري بعينه في السفيه، كما صرح به أبو الطيب في كتاب الحجر وغيره. وأجراه الماوردي أيضاً فيما لو أعار من السيه شيئاً فأتلفه.
وإذا أودع من العبد: فإن تلف في يده فلا ضمان، وإن أتلفه: فإن قلنا: يضمن الصبي بالإتلاف، تعلق الضمان [برقبة العبد]، وإن لم نضمِّن الصبي تعلق الضمان بذمة العبد لا برقبته.
قال: ومَنْ قَبِلَ الوديعة لزمه حفظها؛ لأنه مقصود الوديعة وقد التزمه، ومن هاهنا يؤخذ أن الوديعة لا تتم إلا بالقبول، ومن ضرورته الإيجاب؛ إذ لا يعقل قبول بدونه، أما ما يقوم مقام القبول فقد يعقل انفراده كما إذا قال الأب: اشتريت من نفسي هذا لولدي؛ فإنه يكتفي به على رأي.
وقد اتفق الأئمة على أن الإيجاب هاهنا لابد منه، وأنه يتعين فيه اللفظ الدال على الاستحفاظ؛ كقوله: استودعتك هذا، أو: أودعتك، أو: اسحتفظتك، أو: أَنَبْتُك في حفظه، أو: احفظه، أو: هو وديعة عندك، وما في معناه. فلو وضعه بين يدي غيره ولم يتلفظ بشيء لم يحصل الإيداع – وإن كان قد قال قبل ذلك: أريد أن أودعك – حتى لو قبضه صار ضامناً له.