وأما القبول فقد قال في "الوسيط": إن في اشتراطه لفظاً ما ذكرناه في الوكالة، وهاهنا أولى بألا يشترط؛ لأنها أبعد عن مشابهة العقود؛ وسوى بينهما في "الوجيز" حيث قال: وصيغتها كصيغتها.
ومقتضى هذا: أنه لابد من القبول باللفظ على رأي مطلقاً كما صرح به في "التهذيب"، وبعضهم بناه على قولنا: إن الوديعة عقد، وبعضهم يفصل بين أن يكون بصيغة العقود، أو بصيغة الأمر.
وعلى رأي – وهو مذهب العراقيين -: أنه يحصل بالقول والفعل، فعلى هذا: إذا قال: أودعتك هذه، ووضعها بين يديه، وقبل ذلك، أو وضع يده عليه، أو قال: ضعه – كما حكاه في "التهذيب"، تمت الوديعة، وإن لم يوجد شيء من ذلك فلا ضمان على المودَع إذا تركها.
وفي "التتمة": أن الإيداع لا يتم بقوله: ضعه، ما لم يقبضه.
وفي "فتاوى" الغزالي: أن الوضع إن كان في يده، فقال: ضعه-دخل المال في يده، وأنه لو قال له: انظر إلى متاعي في دكاني، فقال: نعم – فهذا التماس؛ لكونه على سبيل التبرع؛ فلا يضمن بتركها.
فرع: لو قال: أودعتك هذا بعد شهرٍ – صح، جزم به في "البحر"، وفي "حليته"، وقال الرافعي: القياس تخريجه على الخلاف في تعليق الوكالة.
ولو قال: أودعته لك اليوم وفي الغد لا يكون وديعة [، كان وديعة في الكل. ولو قال: أودعته لك على أن ترده غداً،] وبعد غد يكون وديعة، فلم يردها، وتلفت في اليوم الثالث – ضمن، صرح به في "البحر".
قال: في حرز مثلها؛ لأن الإطلاق يقتضيه، وله أن يحرزها بمن [يثق به] استانة، مثل أن يقول لغلامه: احفظها في الصندوق ونحوه، صرح به في "البحر"، وغيره نسبه إلى ابن سريج.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أنه إذا فعل ذلك من غير ضرورة ضمن. ولعله