يجب عليه السعي في معرفته؟ قد تقدم الكلام فيه في أول الباب؛ لأنها أمانة شرعية، وهذا إذا ثبت أن ثم وديعة: إما بإقرار الميت، أو بإقرار الورثة، أو قايم بينة عليها.
أما لو لم يوجد سوى الكتابة عليها بأنها وديعة لفلان، فليس ذلك بحجة على الورثة.
قال: وإن قال المودَع: رددت عليك الوديعة، فالقول قوله – أي: مع يمينه –لقوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}[البقرة: ٢٨٣]، وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[النساء: ٥٨]، فأمر بأداء الأمانة ولم يأمر بالإشهاد؛ فدل على أن قوله مقبول من غير بينة؛ إذ لو لم يكن كذلك لأرشد إليه كما أرشد إليه – تبارك وتعالى – في حق من بلغ رشيداً بقوله تعالى:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}[النساء: ٦]؛ ولأنه ائتمنه فقبل قوله عليه.
قال القاضي أبو الطب: ولأنه لا خلاف أنها إذا هلكت قبل قوله؛ فكذلك إذا ادعى ردها إليه وجب أن يقبل قوله مع يمينه.
وما قاله منتقض بالمرتهن والمستأجر؛ فإنه لا يقبل قولهما في دعوى الرد عند العراقيين وإن قبل قولهما في التلف.
قال: وإن قال: امرتني بالدفع إلى زيد –أي: ودفعتُ إليه – فقال زيد: لم يدفع إلي، فالقول قول زيد، وهذا مما لم يختلف الأصحاب فيه؛ لأن الأصل عدم الدفع إليه، وهو غير مؤتمن من جهته؛ فلا يقبل قوله عليه كما لو ادعى الوصي الدفع إلى الصبي بعد البلوغ. نعم، لو كان كذلك زيد مالك الوديعة وقد أودعها عند الآمر، وأذن له في إيداعها عند المودع – كان القول قول الدافع؛ لأنه ائتمنه، كذا قاله الماوردي، ولو خرج على أن وكيل الوكيل