وإذا لم يقبل قول المودع على زيد فما حكمه مع المالك؟ ينظر:
إن كان الدفع في وفاء دين، أو إيداعاً، فقد قدم الشيخ الكلام فيه في الوكالة.
وإن كان عارية أو قرضاً فقد جزم الماوردي بأن المودع يضمن، سواء صدقه أو كذبه؛ إذ هو مقصر بترك الإشهاد.
وإن كان هبة، وقلنا: إنها تقتضي الثواب – فكذلك الحكم، وإن قلنا: لا تقتضيه، فلا ضمان.
قلت: وكان يتجه الا يكون ضامناً بترك الإشهاد – على رأي – كما في ضاء الدين، ويمكن أن نفرق بأن هاهنا لابد من المطالب؛ فالحاجة إلى البينة متوقعة، وهذا إذا صدقه المالك في صدور الإذن في الدفع إلى زيد، أما إذا كذبه فالقول قوله، والمودع ضامن.
قال: وإن هلكت الوديعة فالقول قوله؛ لأنه أمين مقبول القول في الرد؛ فكذلك في دعوى التلف من طريق الأولى؛ لأن الرد لا يتعذر إقامة البينة عليه؛ لأنه منوط بالاختيار، بخلاف التلف. ولا فرق في ذلك بين أن يدعي التلف بسبب خفي أو ظاهر يتيسر إثباته بالشهادة. نعم، إذا ادعى التلف بسبب خفي كالسرقة والغصب –كما صرح به في "المهذب" و"التهذيب" ونحوهما – لم يكلَّفْ إقامة البينة على السبب.
وإن ادعاه بسبب ظاهر: كالحريق والنهب، وكذا موت الحيوان والغصب – عند صاحب "التتمة" كُلِّفَ إقامة البينة على السبب دون التلف، ويقوم مقام البينة على الحريق وجودُ أمارته، وكذا تصديق المالك وجودَ الحريق والنهب دون تلف الوديعة.
ولو أطلق دعوى التلف لم يكلَّف بيان السبب.
وإذا نكل عن اليمين عند ذكر السبب الخفي فللمالك الحلف على نفي العلم بالتلف، ويضمن المودع.
قال الإمام: ومن أصحابنا من يكلفه جزم اليمين؛ من جهة أن من الممكن أن