وجه الدلالة منه: أنه ذكر الشفعة بالألف واللام، وليس لهما معهود يرجع اللفظ إليه؛ فثبت أنه للجنس. وكلمة إنما موضوعة للحصر، كما في قوله تعالى:{إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[النساء: ١٧١].
وقد قال الأزهري: قال أهل اللغة: إنما تقتضي إيجاب شيء ونفي غيره وذلك يدل على المدعي.
فإن قيل: فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ .. "، وروى البخاري عن أبي رافع [قال]: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ".
وروى الترمذي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ، يُنْتَظَرُ بِهَا وَإِنْ كَانَ غَائِباً إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِداً"، وذلك يقتضي ثبوت الشفعة للجار.
قلنا: قد روى صاحب "التقريب" عن ابن سريج أنه أثبتها للجار الملاصق دون المقابل فيشبه أن يكون مستنده ذلك، وروي عن الروياني أنه قال: رأيت بعض أصحابنا يفتي به، وهو الاختيار.
وذكر الإمام أن الشيخ أبا علي لم يثبت ذلك عن ابن سريج، وحمل كلامه على أنه لا يعترض في الظاهر علي الشافعي إذا قضى له الحنفي بشفعة الجوار،