وفي "التتمة": حكاية وجه عن ابن سريج أن تصرفات المشتري باطلة؛ لأن للشفيع حقاً لا سبيل إلى إسقاطه، فأشبه حق المرتهن.
وهذا أعم مما حكيناه من قبل عن القفال ورواية صاحب "التقريب".
أما لو كانت الهبة تقتضي ثواباً، وشرط فيها عوضاً معلوماً وصححناها فهي بيع وسنذكره.
قال: وإن باع فله أن يفسخ ويأخذ [أي يفسخ البيع الثاني ويأخذ] من المشتري الأول بما اشترى [وله أن يأخذ من المشتري الثاني بما اشتراه] لوجود سبب الأخذ [منه] وهو الشراء.
وهكذا الحكم فيما لو أصدق المشتري الأول الشقص أو جعله عوضاً في خلع أو صالح عليه ونحو ذلك.
وقيل: ليس للشفيع إبطال البيع الثاني؛ لإمكان أخذه من المشتري الثاني، وهذا ما حمل بعضهم كلام أبي إسحاق المروزي عليه.
وقد روى الشيخ أبو علي عن أبي إسحاق: أنه لا يأخذ من الأول ولا من الثاني؛ لأن تصرف المشتري إذا كان مبطلاً للشفعة فلا يكون مثبتاً لها، كما إذا تحرم بالصلاة، ثم شك فجدد [نية وتكبيراً] لا تنعقد به الصلاة؛ لأنه يحصل بها الحل [فلا يحصل] بها العقد.
ثم قال: ويمكن أن ينبني الوجهان على القولين فيما إذا عَتَقَتْ الأمة تحت عبد، فطلقها قبل أن تختار، هل ينعقد الطلاق أم لا؟
ووجه الشبه أن الطلاق يبطل حقها في الفسخ ولم تسلط عليه كما ذكرنا في الشفيع.
قلت: قد يمنع اتجاه البناء؛ لأن ثم الطلاق حصل أحد مقصوديها وهو إزالة قيد النكاح فاغتفر بصنيع الآخر وهو السلطنة [الثابتة لها] وهاهنا لم يحصل للشفيع بالبيع الثاني غرض، بل جدد له ضرراً.