وقد حكى هذا القاضي الحسين مع وجه ثالث عن ابن سريج أن القاضي ينصب قيماً يقبض الثمن للمشتري من الشفيع ويدفعه للبائع وإذا خرج الشقص مستحقاً رجع الشفيع بالعهدة على المشتري، وهل يرجع على قيم القاضي؟ فيه وجهان.
وسلك في "التهذيب" طريقاً آخر فقال: إذا قلنا: يأخذ الشفيع الشقص من البائع [ويقبضه الثمن] فهل للبائع مخاصمة المشتري ومطالبته بالثمن؟ فيه وجهان.
فإن قلنا: نعم، فإن حلف المشتري فلا شيء عليه، وإن نكل، حلف البائع وأخذ الثمن من المشتري وكانت عهدته عليه وما أخذه من الشفيع يترك في يده أم يؤخذ ويوقف؟ فيه وجهان.
قال: وقيل: ولا يأخذ لأن الشفعة فرع للبيع، فإذا لم يثبت الأصل؛ لم يثبت الفرع، وصار هذا كما لو أقر أحد الابنين بنسب أخ وكذبه الآخر، فإن النسب لما لم يثبت [لم يثبت] فرعه وهو الإرث.
وهذا ما قال البندنيجي: إنه ظاهر كلام الشافعي، ويحكى عن ابن سريج. والقائلون بالأول فرقوا بين ما نحن فيه وبين النسب، فإن النسب يتضمن حقاً له وحقاً عليه، فإذا لم يثبت ما له لم يثبت ما عليه. وهاهنا قد ثبت ما له وهو الثمن، فثبت ما عليه، كذا حكاه ابن الصباغ.
قال: وإن قال البائع: أخذت الثمن، لم يأخذ الشفيع على ظاهر المذهب؛ [لأنه لا سبيل إلى دفع الثمن إلى البائع لإقراره بقبضه، ولا إلى المشتري لإنكاره استحقاقه، فلو سلط الشفيع على الأخذ لكان بغير عوض، وذلك ممتنع، وبهذا قال ابن سريج، وأبو إسحاق، وابن أبي هريرة. [وللشفيع على هذا مخاصمة المشتري في الشفعة، وإحلافه على إنكاره الشراء].
وقيل: يأخذ لما تقدم، وهو الأظهر في الرافعي، وبه قال كثير من الأصحاب كما حكاه الماوردي، والثمن يبقى في ذمة الشفيع، أو يأخذه