قال: وإن أنكر المشتري الشراء، وادعاه البائع أي: وأنه لم يقبض الثمن، أخذ من البائع؛ لإقراره بحق المشتري والشفيع [وقد] بطل حق المشتري بالتكذيب، فبقي حق الشفيع لتصديقه.
وهذا ما جزم به الماوردي، وبه قال عامة الأصحاب، كما حكاه القاضي أبو الطيب، وقال الإمام: إنه قول المزني، وهو الأصح.
قال: ودفع إليه الثمن؛ لأنه يندفع الضرر عن البائع بذلك.
قال: وعهدته عليه؛ لأنه منه أخذ وإليه دفع الثمن.
وفي "الشامل" و"تعليق" القاضي أبي الطيب أن البائع إن اختار أن يترك مخاصمة المشتري ويدفع الشقص إلى الشفيع ويأخذ منه الثمن، فله ذلك، وإذا دفع الشقص وأخذ الثمن؛ كانت عهدة الشفيع عليه، وإن اختار مطالبة المشتري فهل له ذلك؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه يحصل له المقصود [من جهة الشفيع فلا حاجة إلى خصومة المشتري].
والثاني: له ذلك؛ لأنه ربما كان له غرض لكون المشتري أسمح من الشفيع وأسهل معاملة، وماله أقل شبهة.
فعلى هذا، إن حلف المشتري، أخذ البائع الثمن من الشفيع وكانت عهدته عليه، وإن نكل وحلف البائع، سلم الشقص إلى المشتري وأخذ منه الثمن وتكون عهدة الشفيع [عليه. انتهى.
وقد رجع حاصل ما قالاه إلى أنه يتعين على وجه أخذ الثمن من الشفيع وتكون عهدته] على البائع كما ذكره الشيخ.
[و] على وجه: يقال للبائع: هل تريد أن تخاصم؟ فإن قال: بلى، يتوقف دفع الثمن إليه حتى يتبين له أي شيء يظهر، فإن ثبت البيع؛ دفع الثمن إلى المشتري ويرجع بالعهدة عليه، وإلا فالحكم كما قلناه.