وقال الغزالي: مستند إجماعهم: أنهم ألفوا هذه المعاملة [في زمن] للنبي صلى الله عليه وسلم شرعاً أغنى عن النقل، وقد نقلت فيه ما روى الشافعي في اختلاف العراقيين: أن أبا حنيفة روى عن حميد بن عبد الله بن عبيد الأنصاري عن أبيه عن جده أن عمر ابن الخطاب –رضي الله عنه- أعطي مال يتيم مضاربة فكان يعمل به في العراق.
وروي أن عثمان بن عفان- رضي الله عنه- أعطى العلاء بن عبد الرحمن مالا مقارضة.
وروي أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر لقيا عند مصرفهما من غزوة "نهاوند" أبا موسى الأشعري بـ"البصرة" إذ كان عاملاً عليها فقال [لهما] أريد أن أصلكما وليس في يدي ما أصلكما به، وإنما معي مائة ألف درهم من مال بيت المال أدفعها لكما لتشتريا بها سلعة وتبيعانها بالمدينة، وتردان رأس المال على أمير المؤمنين، والربح لكما، فاشتريا [بها] من أمتعة العراق، فربحا عليها بالمدينة ربحاً كثيراً.
فقال لهما عمر: أو كلَّ الجيش أسلف [مثل ما] أسلفكما؟ فقالا: لا. فقال عمر- رضي الله عنه: لا أراه فعل ذلك إلا لمكانكما مني، ردَّا المال وربحه، فسكت عبد الله، وراجع عبيد الله أباه فقال: يا أمير المؤمنين أليس لو تلف المال كان من ضماننا؟ فقال: بلى، فقال: الربح لنا، وأشار إلى أن الخراج بالضمان، فسكت عمر ساعة.