للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال مثل قوله الأول: رُدَّا المال وربحه، فراجعه عبيد الله ثانياً.

وأعاد قوله الأول، فعند ذلك قال عبد الرحمن بن عوف: لو جعلته قراضاً على النصف يا أمير المؤمنين، فأخذ منهما النصف، أي نصف الربح وترك النصف في أيديهما.

وقد ورد هذا الخبر بألفاظ أخرى رواها مالك.

قال الماوردي: وعلى هذا الأثر اعتمد الشافعي.

ووجه التمسك به كما قال القاضي أبو الطيب قول القائل: لو جعلته قراضاً، فلولا أنه [قد] عرفه وخبره لم يقل ذلك، وعمر أجابه إليه ولم ينكره.

وقد اختلف الأصحاب في معنى جعل الربح في هذه القصة نصفين على أربعة أوجه:

أحدها: وبه قال ابن سريج أن ما جرى من أبي موسى كان قرضاً صحيحاً؛ لأن الطريق كان مخوفاً، والقرض في هذه الحالة جائز فكان جميع الربح لهما، لكن عمر- رضي الله عنه- استنزلهما عن الربح خيفة أن يكون أبو موسى قصد إرفاقهما لا رعاية مصلحة بيت المال.

الثاني: وبه قال أبو إسحاق أن عمر- رضي الله عنه- أجرى على ذلك في الربح حكم القراض الفاسد؛ لأنهما عملا على أن يكون الربح لهما، و [لو] لم يكن قد تقدم في المال عقد حتى حملهما عليه، ومقتضاه أن يكون الربح لبيت المال، لكن أجرةم ثلهما كانت قدر نصفه فسلمه لهما.

الثالث: أن عمر- رضي الله عنه- أجرى عليهما في الربح حكم القراض الصحيح وإن لم يتقدم معهما عقد؛ لأنه لما كان من الأمور العامة فاتسع حكمه عن العقود الخاصة، فلما رأى المال لغيرهما، والعمل منهما جعل ذلك عقد قراض صحيح، وهذا ذكره ابن أبي هريرة.

الرابع: حكاه القاضي الحسين أن ما فعله أبو موسى كان قرضاً فاسداً؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>