كان سفتجة شرط عليهما الرد بالمدينة فجر منفعة وكل قرض جر منفعة [فهو] حرام، فكان ترك النصف؛ لأنهما كانا اشتريا في الذمة ونقدا فيه المال، فكان كل الربح لهما غير أنهما لما ارتفقا بمال بيت المال، أراد عمر أن يحصل لبيت المال من جهتهما رفق في مقابلته، وإن اشتريا بعين ما دفع إليهما، فعلى قول الشافعي في القديم: العقد موقوف على إجازة المالك، وعمر قد أجاز ذلك، والله أعلم.
قال- رحمه الله-: من جاز تصرفه في المال، صح منه عقد القراض؛ لأنه تصرف في المال وهذا اللفظ وإن كان من جوامع الكلم؛ لأنه يشمل ما إذا كان المتصرف مالكاً أو ولياً من أب، أو جد، أو وصي، أو حاكم، أو قيم كما صرح به في "الشامل" وغيره، فهو يدخل جواز القراض من الوكيل والعبد المأذون، وهو غير جائز منهما ويدخل عامل القراض وسنذكره ونبين أن كلا من المقارض والعامل يعتبر [فيه أن يكون أهلاً لجواز التصرف] في المال؛ لأن عقد القراض به يتم، وهذا هو الأقرب إلى الفهم.
قال: ولا يصح القراض إلا على الدراهم والدنانير أما صحته عليهما [فبالإجماع، وأما عدم صحته على ما عداها] من ذوات [القيم وذوات] الأمثال؛ فلأن القراض مشروط برد رأس المال واقتسام الربح، وعقده بغيرهما يمنع من هذين الشيئين؛ لأن من العروض ما لا مثل له، فلا يمكن رده، وماله مثل قد تكون قيمته حال العقد أكثر من قيمته حال الرد، وذلك يؤدي إلى أن يفوز العامل بجزء من رأس المال بغير عمل، وإذا كان هذا [ممنوعاً في القراض] وجب منع ما يؤدي إليه.
ولا يقال: إن مثل هذا الاحتمال يجيء في الدراهم والدنانير؛ لأن سوقهما يرتفع مرة وينخفض [مرة] أخرى: لأن ذلك إن وقع فنادر لا يعتد به، ويسير لا يؤثر.
وقد وجه اختصاص هذا العقد بهما [معنى آخر] وهو أن القراض معاملة