للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب: أن كلا منهما عامل لرب المال، وليس في ذلك أكثر من أن المال مشاع، وذلك لا يوجب شركة الأبدان، كما لو كان العامل يتصرف في مال القراض وماله فإنه يصح، ولا يكون شركة، ويعمل في المال بحق الملك وبحق القراض، فكذلك هنا يكون كل واحد منهما يتصرف في نصف المال لحق القراض.

وقال ابن الصباغ: أوضح من هذا الفرق عندي أن يقال: كل واحد منهما يعمل على نصف المال [والربح] واشتراكهما في العمل لا اعتبار به؛ لاشتراكهما في المال: ألا ترى [أن] في شركة العنان يعملان في المال، والربح بينهما على قدر المالين ولا اعتبار [باشتراكهما] في العمل وإن كان له ثلثان في الربح وكذلك هاهنا.

وهذا [منه] يدل على أنه مقارض في النصف ويعمل في الكل.

وكلام الإمام في هذه المسألة مختلف، وآخره يدل على خلاف ما دل عليه كلام ابن الصباغ: فإنه قال في أوائل الباب ما نذكره بالمعنى لا باللفظ وأطلق الأصحاب جواز مقارضة الرجل الواحد رجلين، والذي دل عليه ظاهر كلامهم فساد ذلك إن شرط ألا يستقل واحد منهما بالتصرف دون صاحبه؛ لما في ذلك من التضييق في التصرف.

وإن أثبت لكل منهما استقلالاً بالتصرف، فهذا هو الذي جوزه الأصحاب.

ثم أبدى في أواخر الباب في هذه الحالة إشكالاً، وهو أن أحدهما لا يثق بتصرف نفسه؛ لاحتمال سبق الآخر [بالتصرف.

وقد يتفرع عليه أن أحدهما إذا عمل ولم يعمل الآخر] شيئاً فيستحيل أن يستحق من لم يعمل شيئاً، ويجب أن يكون المشروط للعامل وهو مشكل؛ لأنه لم يشترط له الربح وحده، ثم يلزم منه إذا قيل بذلك أن يختلف الربح بمقدار العملين وهذا أمر لا ينضبط.

ثم قال: ونحن نقول-[من] بعد- مقارضة رجلين على أن يستقل كل واحد منهما بالتصرف في جميع المال فاسد لا شك فيه؛ لما أشرنا إليه فلتخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>