هذه الصورة عن إرادة الأصحاب للحكم بالصحة، وأما إذا قارض رجلين على ألا ينفرد واحد منهما بالتصرف فهذا يتضمن حجراً على كل واحد منهما، فقد قدمنا أن المالك لو شرط على العامل أن لا يمضي أمراً حتى يراجع رجلاً عينه أو رب المال؛ فالقراض فاسد، لكن يعارض هذا الحجر في مسألتنا التعاون والتناصر، وهذا يزيد أثره على ما ينحسم بالحجر.
وينفصل رجوع [أحد] العاملين إلى الثاني عما ذكرناه من الفساد باشتراط مراجعة ثالث أو رب المال بأن الثالث لا حظَّ له في الربح فقد يتبرم بالمراجعة وذلك يجر عسراً في التصرف بخلاف العاملين، وبأن التصرف إذا توقف على مراجعة المالك كان في حكم الهابط بالكلية، وما يسقط استقلال العامل [فإنه] ينافي وضع القراض.
ويتجه: أن يحمل ما قاله الأصحاب على كون كل واحد من [المقارضين مقارضاً] في قسط من المال، وقد ذكرنا أن الشيوع غير ضائر، وكلام الأصحاب في التفريع يشير إلى ذلك فإن مما ذكروه أنه لو قارض رجلين وجعل نصيب أحدهما من الربح أقل جاز، وهذا إنما يفرض إذا كان كل منهما مقارضاً في قسط منفرداً فيه بمعاملة المالك، ولو قدرنا صحة مقارضة رجلين على التناصر؛ فهما كالعامل الواحد في جميع المال، [فليس لرب المال] الاحتكام بتفضيل أحدهما على الثاني، فخرج من مجموع ما ذكرناه ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يقارضهما على أن يتصرف كل منهما في جميع المال، وهذا باطل لا شك فيه.
والثاني: أن يتعاونا على العمل في الجميع؛ فهذا محتمل والأظهر البطلان؛ لما ذكرناه آخراً.
والثالث: أن يجعل كلا منهما عاملاً في شطر المال، وهذا جائز لا يرده راد وقد قال الشافعي: تعدد المقارض يتضمن تعدد القراض. ولا محمل لكلامه