فرع: ذكر العراقيون مسألة عن ابن سريج وهي أنه لو قارض رجل رجلين على مال وحصل في يدهما ثلاثة آلاف درهم، فقال رب المال: الربح ألف ورأس المال ألفان وصدقه أحد العاملين وقال الآخر: [بل] الربح ألفان ورأس المال ألف فإنه يأخذ من الربح خمسمائة بعد حلفه ويقسم الخمسمائة الباقية من الربح بزعم رب المال والآخر بينهما أثلاثاً؛ لرب المال ثلثاها وللمصدق ثلثها، وهو جواب حسن.
وفي تفريعه ما يدل على [أن] مقارضة الرجل [الواحد] لرجلين على صفة التناصر والتعاون جائزة وفيه ما تقدم من الإشكال، وليس عندي نقل صريح في إفسادها والذي قدمته من التقسيم والتفصيل احتمال أبديته وليس عندي أيضاً نقل في فساد القراض عند استقلال كل منهما بالعمل من غير مراجعة الثاني، وإنما قلته عن احتمال، والذي أشار إليه الغزالي في "الوسيط" صحة القراض في حالة التعاون، والله أعلم.
فرع: إذا قارض اثنان رجلاً على مال صح إذا بينا نصيب العامل من الربح وكون الباقي يكون بينهما على نسبة مالهما، ولا فرق بين أن يتساويا فيما يشترطانه للعامل كالنصف مثلاً أو يتفاضلا، مثل أن يشترط له أحدهما نصف ربح ماله، والنصف الآخر [له]، ويشترط له الآخر ثلث ربح ما له، والباقي له.
ولو كان مالهما ألفاً على السواء فشرط له أحدهما الثلث والآخر النصف، وشرطا أن يقسم الفاضل عن نصيب العامل من الربح بينهما؛ فسد؛ لما فيه من شرط ربح لمن ليس بمالك ولا عامل وهو الشارط للنصف.
قال: ولا يجوز إلا على التجارة في جنس يعم وجوده، أي: كالثياب والطعام والحيوان، ونحو ذلك. أما اعتبار التجارة؛ فلأن القراض شرع رخصة لحاجة من معه مال إلى تحصيل الأرباح فيه بالتجارة، وهو لا يحسنها مع كونه لا يمكنه تحصيل المقصود منها [إلا] بالاستئجار على أعمالها؛ لكونها غير مضبوطة فاغتفر فيه الجهالة بالعوضين كذلك كما اغتفرت في أعمال المساقاة.
وغير التجارة من الأعمال كما إذا قارضه على أن يشتري الحنطة ويطحنها