للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلنا: من رأس المال كان رأس المال هاهنا ألفاً، وإلا فألفين.

قال: وإن دفع إليه ألفين فتلف أحدهما قبل التصرف] تلف من رأس المال، وانفسخت فيه المضاربة بخلاف ما لو تلف قبل القبض فيكون رأس المال ألفاً واحداً.

وهذا ما صار إليه أصحابنا، كما قال البندنيجي وابن الصباغ وصححه الجمهور.

وقال الشيخ أبو حامد كما حكاه ابن الصباغ: إنه خلاف مذهب الشافعي؛ لأن المزني نقل في "الجامع الكبير" أنه قال: إذا ذهب بعض المال قبل أن يعمل، ثم عمل وربح، وأراد أن يجعل البقية رأس مال بعد الذي تلف فلا يقبل قوله، ويوفي رأس المال من ربحه حتى إذا وفاها، اقتسما الربح على شرطهما وقد أقام المراوزة ذلك وجهاً مع الأول.

قال: وإن تلف بعد التصرف والربح تلف من الربح ولم تنفسخ فيه المضاربة؛ لأنه تصرف في رأس المال فلا يأخذ شيئاً من الربح حتى يرد ما تصرف فيه إلى المالك.

والمراد بالتصرف أن يشتري بهما شيئاً ثم يبيعه ويقبض ثمنه، وقد حكى الإمام عن شيخه وطائفة: أن التلف متى وقع جرى خلاف في أن رأس المال هل ينتقص أم لا؟ وإنما النقصان الذي ينجبر به الربح هو الخسران وانحطاط الأسواق، فأما تلف عين المال؛ فيخرج على الخلاف، وأن على الوجه الصائر إلى تنقيص رأس المال يكون التنقيص في هذه الحالة داخلاً على رأس المال والربح، ثم قال: وهذا خبط وتخليط، والصحيح الأول.

قال: وإن اشترى [بهما] عبدين فتلف أحدهما فقد قيل: يتلف من رأس المال وتنفسخ المضاربة فيه؛ لأنهما قاما مقام الألفين فتلف أحدهما كتلف بعض الألفين.

وقيل: يتلف من الربح، وهو الأصح؛ لما ذكرنا من قبل. وهذا الخلاف حكاه القاضي الحسين قولين منصوصين في "أمالي" حرملة، ولا يخفى أنه مفرع على القول بأنه إذا تلف أحد الألفين يتلف من رأس المال كما ذكره الشيخ.

وأما إذا قلنا بأن أحد الألفين إذا تلف يتلف من الربح، فهاهنا أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>