ثم إذا قلنا: إنه يغرم تفاوت ما بين القطعين، فهل يستحق الأجرة للقدر الذي يصلح للقباء من القطع؟
فيه وجهان عن ابن أبي هريرة:
أحدهما: نعم، وبه أجاب في التهذيب، وضعفه ابن الصباغ؛ لأنه لم يقطعه للقباء، وإن قلنا: إن القول قول الخياط فلا بد من اليمين، وفي كيفيتها وجهان حكاهما الماوردي:
أحدهما- وهو ما حكاه ابن الصباغ والبندنيجي والإمام-: أنه يحلف إنه ما أذن له في قطعه قباء ولقد أذن له في قطعه قميصاً.
والثاني-: وهو قول الشيخ أبي حامد، وهو الذي صححه الماوردي-: أنه يحلف إنه أذن في قطعه قميصاً.
ثم إذا حلف فلا أرش عليه، وهل يستحق الأجرة؟ فيه وجهان:
أحدهما- وهو قول ابن أبي هريرة وطائفة، والأصح في تعليق البندنيجي والبحر-: نعم؛ عملاً بتصديقه.
فعلى هذا: أي أجرة يستحق؟ فيه وجهان في الحاوي وغيره:
أحدهما: الأجرة التي ادعاها- عملاً بما ذكرناه.
قال الإمام: وهذا الذي صرح به شيخي، وهو بعض ما ذكره الصيدلاني وغيره.
والثاني: أجرة المثل، وهو الذي أورده القاضي أبو الطيب، والقاضي الحسين، والبندنيجي.
وفي الذخائر: أن هذا إذا كان دون ما ادعى: أنه المسمى، أما إذا كان المسىم أقل، فلا يجب سواه؛ وهو مستنبط من كلام الإمام.
وعلى هذا القول: على الخياط تسليم الثوب مخيطاً؛ لأن الخيوط إن كانت لرب الثوب؛ فهو أحق بها، وإن كانت للخياط؛ فقد صارت تابعة لعمله.
والأظهر في الرافعي، وبه قال أبو إسحاق وأبو علي الطبري:
أنه لا يستحق الأجرة؛ لأنه في الأجرة مدع؛ فيكون القول قول المنكر، وفائدة اليمين: دفع الغرم عن نفسه.
فعلى هذا: للخياط أخذ الخيط إن كان ملكه، وهو منتفع به، كما قيده الإمام، وعليه ضمان ما نقص من الثوب بأخذه؛ كما إذا صبغ ثوب الغير بصبغ من عنده، ثم نزعه.