للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسبق أحدهما إلى أن يعطب؛ حرصاً على طلب المال، ويتعذر عليهما إقامة البينة على السبق. وأيضاً: فإن فرس أحدهما قد يكون أكثر جرياً في الابتداء والآخر عكسه؛ فلا بد من غاية تجمع حالتيه، أما إذا كانت المسافة لا تنتهي إلى مثلها الأفراس غالباً، فلا يصح العقد.

ولو عينا غاية، وشرطا أن السبق إن اتفق في وسط الميدان كفى- ففي جوازه وجهان مبنيان على المعنيين: فعلى الأول يصح، وعلى الثاني لا [يصح]، وهو الأشبه. ولو عينا غاية وقالا: إن اتفق السبق عندها فذاك، وإلا تعدينا إلى غاية أخرى، واتفقا عليها- فوجهان مرتبان، وأولى بالصحة.

قال: ولا يجوز إلا على عوض معلوم كالإجارة والجعالة، والعلم تارة يحصل بالمشاهدة إن كان معيناً، وتارة بالوصف إن كان في الذمة. ويجوز أن يكون العوض حالاً ومؤجلاً.

ولو عقدا على مجهول أو خمر أو خنزير فسد العقد، وهل يستحق السابق أجرة المثل؟ فيه وجهان جاريان في كل صورة يفسد فيها عقد المسابقة والمناضلة:

أحدهما- وبه قال أبو إسحاق وابن القاص-: أنه لا يستحق شيئاً على باذل المال؛ لأنه لم يعمل له شيئاً، وفائدته ترجع إليه.

وأصحهما- وبه قال أبو الطيب بن سلمة، واختاره الشيخ أبو محمد والقفال-: أنه يستحق؛ لأن المنفعة التي يستحق بها المسمى في العقد الصحيح لا تعرى عن العوض عند الفساد كما في الإجارة والقراض، والعمل قد لا يقع في القراض ومع ذلك يكون مضموناً.

فعلى هذا: لو كان الفساد بسبب آخر، وكان العوض لا يتعذر تقويمه- ففيما يرجع به طريقان حكاهما الإمام:

أحدهما: في المسألة قولان كما في الصداق والخلع، ووجه الشبه: أن السبق ليس على حقائق الأعواض؛ فإن فائدة العمل للعامل؛ كما أن الصداق وبذل الخلع ليسا على حقائق الأعواض.

<<  <  ج: ص:  >  >>