للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: القطع بالرجوع إلى أجرة المثل، وهذا هو الصحيح وإن ثبت الخلاف، لكن تعتبر أجرة المثل بالنظر إلى الزمان الذي اشتغل فيه بالرمي، أو ما يجري في المسابقة بالنسبة إلى تلك المسافة في عرف الناس غالباً؟ فيه وجهان:

الأول منهما: عن أبي الطيب بن سلمة، قال ابن كج: وكأنه بناه على أن الحر إذا غصب على نفسه يستحق أجرة المثل لتلك المدة.

والثاني: عن أبي الحسين، قال الرافعي: وهو أقرب، مع أنه يمكن أن يقال: ليس للناس في هذا اعرف غالب يرجع إليه.

قال: ويجوز أن يكون العوض منهما ومن غيرهما، أي: ولو من بيت المال؛ لأنه إخراج مال لمصلحة الدين فجاز من الجميع كرباط الخيل في سبيل الله، وقد روى عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل، وجعل بينهما سبقاً.

فرع: إذا كان العوض منهما جاز أن يكونا متساويين فيه ومتفاضلين، وعن "الحاوي" والصيمري: أنه يجب أن يتساوى المالان.

قال: فإن أخرج أحدهما السبق على أن من سبق [منهما] أحرزه، جاز؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحزبين من الأنصار يتناضلون [وقد] سبق أحدهما الآخر، فأقرهما على ذلك، ولأن المقصود من العقد يحصل بذلك مع خلوه عن القمار؛ فإن المخرج حريص على أن يسبق كي لا يغرم، والآخر حريص عليه؛ ليحوز السبق.

فرع: لو كان المخرج للمال يقطع بأنه سابق فهذه مسابقة على غير مال، وإن كان يقطع بأنه مسبوق؛ ففي صحة هذه المسابقة وجهان.

قال: وإن أخرجا السبق على أن من سبق منهما أخذ الجميع، لم يجز؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَدْخَلَ فَرَساً بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَهُمَا فَهُوَ قِمَارُ، وَإِنْ لَمْ يَامَنْ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قماراً عند

<<  <  ج: ص:  >  >>