للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والمناضلة: أن يشترطا إصابة عشرة من عشرين على أن يستوفيا جميعاً، أي: العشرين، فيرميان معاً جميع ذلك: فإن أصاب كل واحد منهما العشرة [أو أكثر أو أقل أحرزا سبقهما، وإن أصاب أحدهما دون العشرة] وأصاب الآخر العشرة أو فوقها فقد نضله.

وقد ذكر الأصحاب نوعاً آخر يسمى الحوابي: وهو أن يشترك إصابة عدد من الرشق، على أن يسقط ما قرب من إصابة أحدهما ما بعد من إصابة الآخر؛ فمن فضل له بعد ذلك من الإصابة ما اتفقا عليه من العدد كان السبق له.

مثاله: إذا رمى أحدهما، فأصاب من الهدف موضعاً بينه وبين الغرض قدر شبر- حسب له، فإذا رمى الآخر فأصاب موضعاً بينه وبين الغرض إصبع حسب له، وأسقط ما رماه الأول، فإن عاد الأول فرمى وأصاب الغرض أسقط ما رماه صاحبه. ولو رمى أحدهما أولاً فأصاب الشن، ورمى الثاني فأصاب الرقعة التي في وسط الشن- قال الرافعي: القياس عندي أنهما سواء؛ لأن [القريب] إنما يسقط البعيد إذا كان خارجاً من الشن، أما إذا كان في الشن فلا؛ لأن الشن كله موضع الإصابة.

قال: وأن يكون البادئ [منهما] معلوماً، أي: حالة العقد؛ لأنه لو أطلق من غير شرط لما كان أحدهما بأولى من الآخر، ولا سبيل إلى القرعة؛ لأن هذا العقد موضوع على نشاط القلب وقوة النفس؛ فلو اعتبرت لكان في خروجها لأحدهما كسر قلب الآخر فيسوء رميه.

وقيل: إن شرط ذلك وجب الوفاء [به]؛ عملاً بالشرط، "وإن لم يشرط جاز"؛ لأن ذلك من توابع العقد، ويمكن تلافيه بما تذهب به التهمة من تراض أو عرض أو قرعة- كما سنذكره- وهذا ما حكاه القاضي الحسين.

قال: "فإن تشاحا أقرع بينهما"؛ لأن القرعة يرجع إليها في كثير من مواضع المنازعات، وهذا ما اختاره القاضي الطبري، وهو ظاهر نصه في "الأم"، ويدخل المحلل إن كان ثم في هذه القرعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>