وقيل: إنه ينزل على عادة الرماة، وهو تفويض الأمر إلى المستبق: فإن أخرج السبق أحدهما فهو أولى بالبداية، وإن أخرجه غيرهما قدم من شاء منهما، وإن أخرجاه جميعاً حكمت القرعة.
وعلى هذا لا يدخل المحلل في القرعة.
وحكى القاضي الحسين: أنه إن كان المخرج للسبق غيرهما، رجع إليه، وإن كان المخرج له أحدهما، فوجهان.
فرع: إذا شرط تقديم واحد، واعتبرنا القرعة، فخرجت لواحد، فيقدم في كل رشق، أو يؤثر بسبب التقديم في السهم الأول خاصة؟ فيه وجهان حكاهما الإمام، والمذكور في تعليق القاضي الحسين: الأول.
ولو صرحوا بتقديم من قدموه في كل رشق اتبع الشرط؛ كما نقله الإمام عن الأصحاب.
وفي الرافعي: أن الشافعي في "الأم" قال: لو شرط أن تكون البداية لأحدهما أبداً، لم يجز؛ لأن المناضلة مبنية على التساوي.
وقضية هذا: أن يبتدئ الثاني في النوبة الثانية، ويتصل رميه برميه.
وفائدة استحقاق التقديم: أن غيره لو رمى في نوبته لم يحسب له ولا عليه.
قال:"ويرميان سهماً سهماً" أي: عند الإطلاق؛ لأنه المتعارف [عند الرماة]، فإن شرط [أن يرمي أحدهما] بجميع سهامه- حملاً على الشرط – عَمِلا بمقتضاه. وهكذا لو وقع الشرط على أن يرميا عشرة عشرة، أو خمسة خمسة: اتُّبعَ.
فرع: يستحب أن يكون الرمي بين غرضين متقابلين: يرمي المتناضلان أو الحزب من عند أحدهما إلى الآخر، ثم يأتيان الثاني، ويلتقطان السهام، ويرميان الأول؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةُ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ".