للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي وطبقة المحققين: [أن] للملاك المنع، وطرد الخلاف في أخذ [قريب] وشرب دواب معدودة لا يظهر لشربها أثر.

فرع: إذا أوجبنا البذل هل يجوز أخذ العوض عنه؟ فيه وجهان في "التتمة":

أحدهما: نعم؛ كما يطعم المضطر بالعوض.

وأصحهما- وبه جزم الماوردي وأبو الطيب-: لا؛ لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم "نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ".

وهذا كله إذا كان قد حفر بئراً في ملكه، أو في موات ليتملكه، كما صرح به القاضي أبو الطيب، والبندنيجي، والماوردي، والشيخ أبو محمد وغيرهم، خلا الإمام والفوراني؛ فإنهما جزما بعدم وجوب البذل إذا حفر البئر بقصد التملك، وقلنا إن الماء يملك. وحمل الإمام الحديث على ما إذا حفر البئر في موات وقصد الارتفاق بها دون التملك- كما سنذكره- وقال فيما إذا أشرفت الماشية على الهلاك في هذه الحالة: سقاها فضل مائة بالقيمة.

وعند الجمهور: إذا حفر البئر في موات للمارة فماؤها مشترك بينهم، والحافر كأحدهم، ويجوز الاستقاء منها للشرب وسقى الزرع، فإن ضاق عليهما فالشرب أولى. وإن حفرها في الموات لقصد الارتفاق دون التملك فالحافر أولى بمائها إلى أن يرتحل، لكن ليس له منع ما فضل عن حاجته كما ذكرنا عن سقى الحيوان، وله المنع من سقى الزرع، وللإمام احتمال فيه؛ من حيث إنه لم يملكه، والاختصاص إنما يكون بقدر الحاجة، وبهذا أجاب في "التتمة".

ولو لحقت الماشية، فاستحدث حافر البئر مزرعة- قال الإمام: فالذي يظهر هاهنا أنه لا يصرف الماء إلى تلك المزرعة؛ إذ لو جوزنا منع الفضل بهذه الجهة لاستمكن حافر البئر من طرد الماشية بالزيادة في المزارع.

وإذا ارتحل المرتفق صارت البئر كالمحفورة للمارة، فإن عاد فهو كغيره، ولو حفر في موات، ولم يقصد التملك ولا غيره ففيه وجهان في "النهاية":

<<  <  ج: ص:  >  >>