للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: "جَلْسَها وَغَوْرَها، وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ".

وقوله: جلسيها وغوريها" فيه تأويلان.

أحدهما: أنه أراد: رباها ووهادها، قال الأصمعي: كل مرتفع جلس، والغوري ما انخفض من الأرض.

الثاني: وبه قال أبو عبيد وابن قتيبة: أن الغوري: ما كان من بلاد تهامة، والجلسي: ما كان من بلاد نجد، ولأنه لا يتوصل إليه إلا بالرجال والمؤن والعمل الكثير، وليس كذلك [في] الظاهرة؛ لأنه يستوى في الأخذ منها القوي والضعيف، وهذا ما حكاه القاضي الحسين؛ تفريعاً على عدم الملك بالإحياء، وصححه الرافعي.

فرعان: على القول بأنه ملك المعدن بالإحياء:

أحدهما: إذا باع المعدن هل يصح؟ الذي جزم به القاضي الحسين والفوراني: أنه لا يصح؛ لأن المقصود منه النيل، وهو متفرق في طبقات الأرض مجهول القدر والصفة؛ فصار كما لو جمع قدراً من تراب المعدن وفيه النيل وباعه، وجعل القاضي أبو الطيب منع البيع بالاتفاق دليلاً على أنه لا يملك المعدن بالإحياء، وحكى الإمام وجهاً آخر في جوازه؛ لأن مورد البيع فيه المعدن، والنيل فائدته، ورفعه.

الثاني: إذا قال لغيره: اعمل واستخرج النيل، ففعل- ففي استحقاقه الأجرة الخلاف في الغسال.

ولو قال: استأجرتك فما تستخرجه فهو لك أجرة، قال الإمام: فالظاهر استحقاق الأجرة، وهو الذي جزم به الفوراني في "الإبانة"، وحكى الخلاف فيما إذا كان بصيغة الجعالة، ولو قال: اعمل لنفسك، ففعل- فالنيل للمالك، وهل يستحق الأجرة؟

الذي ذهب إليه الجمهور: عدم الاستحقاق، وهو الذي صححه القاضي الحسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>