للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب ابن سريج إلى الاستحقاق، وقرب الأئمة هذا الخلاف من الخلاف في استحقاق الأجير في الحج الأجرة عند صرفه [إحرامه] إلى نفسه، بعد انعقاد إحرامه عن المستأجر؛ ظاناً أنه ينصرف.

قال الإمام: وعندي: أن الصورة التي ذكرناها بعيدة عن استحقاق الأجرة؛ إذ لا استعمال فيها، وإنما جرى الإذن إطلاقاً ورفعاً، وليس كمسألة الحج؛ فإن المستأجر استعمله أولاً، ثم انصرف إليه العمل آخراً؛ فلا يبعد أن يلغو القصد الفاسد من الأجير، وليت شعري [ما] يقول ابن سريج إذا عمل ولم يستفد شيئاً؟ فإن جرى على قياسه في إثبات الأجرة كان في نهاية البعد إذا لم يصحل نيل هو شوقه ومتعلق طمعه، وعلى كل حال فهل يكون ما يخرج من المعدن في يد العامل مضموناً أو أمانة؟ فيه وجهان حكاهما القاضي الحسين.

ولو قال: اعمل فما تستخرجه، فهو بيننا، لم يصح؛ لأن العوض ينبغي أن يكون معلوماً.

قال في "الشامل": وليس كما لو شرط جزءاً من الربح أو الثمرة في القراض والمساقاة للعامل؛ لأنه جعل عوض العمل هنا جزءاً من الأصل فهو كما لو شرط للعامل جزءاً من رأس المال، وعلى هذا: فلا شك أنه يستحق نصف الأجرة، وهل يستحق النصف الآخر؟ فيه الخلاف السابق، حكاه الإمام.

ولو قال: اعمل وما استخرجته فلك منه عشرة دراهم، لم يصح؛ لأنه ربما لا يحصل هذا القدر.

تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي أن الكلام مفروض فيما إذا كان النيل متحقق الوجود، لكن لا يصل إليه إلا بالعلم، والسكوت عما عداه، وقد حكى الماوردي عن الأصحاب في أن ما يعلم ظهور نيله يقيناً هل يجري عليه حكم الموات في جواز إقطاعه وتأبيد ملكه بالإحياء، أم يجري عليه حكم المعادن الظاهرة؟ ونسب الأول إلى ابن أبي هريرة وصححه.

قال: ومن سبق إلى معدن ظاهر، [وهو الذي] يتوصل إلى ما فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>