قال: فإن زالت الحاجة جاز أن يعاد إلى ما كان أي: ما حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره؛ لأن الحكم إذا ثبت لعلة زال بزوالها، والمعتد له الإمام؛ لأنه متعلق بالاجتهاد.
قال الإمام: ولا نقول: كما زالت العلة انقطع حكم الحمى.
وقيل: ما حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز تغييره بحال؛ لأن ما حكم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم نص فلا يجوز نقضه بالاجتهاد، وهذا ما صححه القاضي أبو الطيب، وجزم به البندنيجي، وحكاه الماوردي عن جمهور الأصحاب، ونسب الأول إلى الشيخ أبي حامد، وطريقة الفوراني في "إبانته": أن حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينقض، وحمى غيره هل ينقض من بعده؟ فيه قولان:
قال الإمام: ولعل الأصح الجواز؛ فإن حمى الإمام اجتهاد منه في طلب المصلحة للمسلمين، وإذا رأى من بعده رد الحمى نظراً لم يعترض عليه.
ووجه المنع: بأنه في حكم المحرز للجهة المعينة؛ فلا سبيل إلى نقضه؛ كما لو جعل بقعة مسجداً أو مقبرة فلا يجوز تغييره، وإن اقتضت المصلحة التغيير، وهذا الخلاف جار- كما حكاه القاضي الحسين- في أن الحامي هل له نقض حمى نفسه أم لا؟
وقال الرافعي: إن في بعض الشروح: أنه يجوز للحامي أن ينقض حمى