أما اعتبار معرفة العفاص والوكاء؛ فلحديث زيد بن خالد الذي ذكرناه.
وأما اعتبار معرفة القدر؛ فلما روى البخاري عن شعبة في حديث مطول: أن أبي ابن كعب قال له- وهو بالمدينة-: وجدت صرة فيها مائة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "عرِّفْها حولاً" فعرفتها حولاً، ثم أتيته الرابعة، فقال: "اعْرِفْ عَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا".
وأما في الباقي: فإن لم تكن معرفته ملازمة للعدد، فيأخذه بالقياس على ما ثبت بالنص؛ بجامع الاشتراك في معرفة ما تمتاز به عن غيرها؛ حتى لا تختلط، وليعرف صدق واصفها من كذبه.
لكن لك أن تقول: حديث أبي يدل على اعتبار العدد عند إرادة التملك، وأنت تريد إثباته عند الالتقاط، [والفرق ظاهر؛ فإنه يلجئ لمعرفة القدر حتى يرد مثله، ولا كذلك في حالة الالتقاط].
وحديث زيد بن خالد لا يحسن القياس على ما ذكر فيه؛ لأن أبا غسحاق المروزي حكى عن الشافعي- رضي الله عنه- أنه ذكر وجوهاً فيما يحتمله أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للملتقط بمعرفة الوعاء والوكاء:
أحدها: التنبيه على حفظها؛ فإن العادة أن من التقط لقطة يرمي وعاءها ووكاءها لقلته واستحقاره، فأمره بحفظهما؛ لأنهما مال الغير فلا يجوز تضييعه وإن قل.
والثاني: أن يكون تنبيهاً على حفظ ما في الوعاء من طريق الأولى.