ثم على القول بالوجوب: لو لم يكن يأخذها حتى تلفت، لا ضمان عليه؛ لأن المال ما حصل في يده فلا يضمنه.
قال القاضي الحسين: كمن كان معه طعام وإنسان يموت جوعاً؛ فيجب عليه أن يعطيه، فلو لم يعطه حتى مات، لا دية عليه. وقاسه البندنيجي على ما لو رأى مال شخص يغرق أو يحرق وقدر على خلاصه؛ فإنه واجب عليه، فإذا لم يفعل، وتلف لا ضمان عليه.
تنبيه: جمع الشيخ بقوله: "الرشيد" البالغ العاقل المسلم الأمين، وهو مقتض لعدم التفصيل في الأمين بين أن يخاف على نفسه الخيانة أم لا [و] هو الصحيح في المذهب.
وحكى الإمام طريقة: أن الملتقط إن كان لا يأمن نفسه ولا يثق بها فلا يجب عليه الالتقاط قولاً واحداً، والقولان فيمن يغلب على ظنه أنه لا يخون.
وحكى عن الشيخ أبي محمد وجهين فيما إذا كان يخاف على نفسه الخيانة في جواز الأخذ، إذا قلنا: إن الأخذ سنة عند تحقق الأمانة، وشبههما- وكذلك الغزالي- بالوجهين في أن الصالح للقضاء إذا لم يأمن على نفسه هل يجوز له تقلد القضاء؟ لكن الغزالي في كتاب الأقضية جزم فيمن تعين عليه بوجوب القبول، وإن كان يخاف الخيانة فيمن لم يتعين عليه- لوجود مساو له أو فاضل أو مفضول، وقلنا بصحة ولاية المفضول-: بمنع القبول. ومن عدا الحر الرشيد سيأتي الكلام فيه.
أما إذا كانت اللقطة في موضع مملوك، فقد قال الماوردي:[إنه لا] يجوز له التعرض لأخذها، وهي في الظاهر لمالك الأرض إن ادعاها. ولو كانت في دار الشرك ولا مسلم فيها، فقد حكى الغزالي والفوراني في "الإبانة": أنها له من غير تعريف، ولا ضمان عليه بالإتلاف.
وفي "التهذيب": أنها تكون غنيمة خمسها لأهل الخمس، والباقي للواجد.
قال: ثم ليعرف، أي: على الفور- كما قاله المتولي- "وعاءها وعفاصها