للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: "إذا وجد الحر الرشيد لقطة في غير الحرم في موضع يأمن عليها" أي: لأمانة أهله، وليس الموضع مملوكاً، ولا في دار الشرك- فالأولى: أن يأخذها؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وهذا منه، وقوله – عليه السلام-: "وَاللهِ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ"، وفي الأخذ إعانة. ولا يجب؛ لأنه أخذ مال على وجه الائتمان؛ فلم يكن عليه أخذ؛ كالوديعة.

قال: "وإن كان في موضع لا يأمن عليها" أي: لخيانة أهله "لزمه أن يأخذها"؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "حُرْمَةُ مَالِ الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ".

ولو خاف على نفسه لوجب عليه صونها؛ فكذلك ماله، وهذه طريقة ابن سريج وأبي إسحاق وجمهور أصحابنا، كما قاله الماوردي.

قال: "وقيل: فيه قولان في الحالين"، وهذه طريقة الأكثرين كما قال الرافعي:

أحدهما: يجب [الأخذ]؛ لقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] وإذا كان الواجد ولياً لصاحب اللقطة، وجب عليه حفظ ماله؛ كما يجب على ولي اليتيم حفظ ماله. وهذا أخذ من قول الشافعي في "كتاب اللقطة" من "الأم": ولا يحل ترك اللقطة لمن وجدها إذا كان أميناً عليها.

والثاني: يستحب؛ لما ذكرناه. وهذا أخذ من قول الشافعي في "المختصر": "ولا أحب ترك لقطة وجدها إذا كان أميناً عليها". وهذا صححه الغزالي، والرافعي، وحكاه الإمام طريقة جازمة؛ لأنه دائر بين أن يكون كسباً أو أمانة؛ فلا معنى لوجوبها، وما ذكره الشافعي محمول على تأكيد الندب.

ومنهم من قال: لا يجب الأخذ ولا يستحب أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>