عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا [وَإِلَّا] فَشَانَكَ بِهَا"؛ فألزمه التعريف لما جعلها له بعده، وهذا ما أورده الأكثرون، وحكى الإمام ومن تابعه وجهاً جعلوه الأظهر: أنه يلزمه التعريف، وعلى ذلك جرى البغوي، وظاهر كلام الماوردي يقتضي الجزم به؛ فإنه جعل إيجاب التعريف مجزوماً به من غير تفصيل، وحكى الخلاف في وجوب الإشهاد، وقد يستدل له بما روى النسائي عن عياض من قوله: "وَلَا تَكْتُمْ".
فعلى الصحيح: إذا عرف، كان متبرعاً؛ فلو لزمته مؤنة بسبب التعريف، لم يرجع بها.
وعلى الثاني: لا يلزمه المؤنة؛ بل يرفع الأمر إلى الحاكم، ليبذل أجرة التعريف من بيت المال، أو يستقرض على المالك، أو يأمر الملتقط به ليرجع كما في هرب الجمال.
[و] في "الحاوي": أنه إذا قدر على استئذان الحاكم فلم يستأذنه وأشهد، فهل يرجع؟ فيه وجهان. ولو لم يأت به ضمن، حتى لو ابتدأ بالتعريف بعد ذلك فهلك في سنة التعريف ضمن.
قال: "وإن أراد أن يتملكها، عرفها سنة"؛ لخبر زيد بن خالد، والمعنى فيه: أن السنة لا تتأخر عنها القوافل، وتمضي فيها الأزمان التي يقصد فيها من الحر والبرد والاعتدال، وفي هذه الحالة إذا احتاج إلى مؤنة بسبب التعريف كانت على الملتقط؛ لأنه سببه إلى تملكه، صرح بذلك القاضي أبو الطيب والبندنيجي وغيرهما.
ومنهم من قال: إن اتصل الملك بالتعريف فالأمر كذلك، فإن لم يتصل به بأن ظهر المالك فهل يكون على الملتقط أو على المالك؟ فيه وجهان، أظهرهما: الثاني.
قال الرافعي: وهما جاريان فيما لو عرف لقصد الأمانة أبداً ثم عن له أن يتملك فتملك، وحاصلهما يرجع إلى أن المعتبر حال التعريف، أو حال انتهاء الأمر؟ ومحلهما في الصورة الأخيرة يظهر أن يكون إذا قلنا بوجوب التعريف عند