وفي "تعليق القاضي الحسين" و"الإبانة" وكتاب المسعود: أنه إذا دفع اللقطة للقاضي ليعرفها أو يأمر غيره ليعرفها، جاز، ولو دفع لغير القاضي ففيه وجهان، وجه الجواز: أن الشرع جعله ولياً في اللقطة؛ فصار تصرفه [فيها] كتصرف الأب في مال الابن.
ولو دفع اللقطة للحاكم، وترك التعريف والتملك، ثم ندم وأراد أن يعرف ويتملك، ففي تمكنه وجهان حكاهما ابن كج.
قال:"ويقول: من ضاع منه شيء، أو: من ضاع منه دنانير"، هذه الصيغة صريحة في التخيير بين الأمرين، وقد صرح به الماوردي والبندنيجي والفوراني، ويحتمل أن يكون فيها إشارة إلى وجهين ذكرهما الأصحاب فيما يجب ذكره في التعريف: فمنهم من قال: لا يجب ذكر شيء أصلاً؛ بل يستحب ذكر بعض الأوصاف. [ومنهم من قال: يجب ذكر بعض الأوصاف]، ويكفي فيه ذكر الجنس، وحينئذ فيكون قول كلام الشيخ:"فيقول: من ضاع منه شيئ" إشارة إلى الوجه الأول، وهو الأظهر من كلام الأصحاب، وبه جزم القاضي الحسين، وقوله:"او من ضاع منه دنانير" إشارة إلى الوجه الثاني، وهو الذي ذكره القاضي أبو الطيب.
وقال الإمام: عندي أنه لا يكفي ذكر الجنس، ولكن يتعرض للعفاص والوكاء ومكان الالتقاط وتاريخه، ولا يستوعب الصفات، ولا يبالغ فيها بالاتفاق؛ كي لا يعتمدها الكاذب، فإن فعل، ففي صيروروته ضامناً وجهان، وأجراهما في "المهذب" فيما لو ذكر النوع، والقدر، والعفاص، والوكاء، واختار في "المرشد" منهما الضمان، والله أعلم.
قال:"وقيل: إن كان قليلاً كفاه أن يعرفه في الحال، ثم يملكه" هذا قول الإصطخري، ووجهه: ما روي أن عمر- رضي الله عنه- رأى جراباً فيه سويق تطؤه الإبل، فأخذه، فعرفه، فلم يعرفه أحد، فأمر بقدرح، فشرب منه، وسقى أصحابه، وقال:"هذا خير من أن تطأه الإبل" ولم ينكر عليه أحد، ولأن الشيء