بين هذه المسألة وبين ما إذا أنفق مؤنة التعريف؛ فإن الماوردي حكى في رجوعه عند الإشهاد مع وجود الحاكم وجهين، وهل يجوز بيع جزء منها لنفقة الباقي؟
قال الإمام: نعم؛ كما يباع جميعها.
وحكى عن شيخه احتمالاً: أنه لا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى أن يأكل بقيتها، وهذا ما أورده أبو الفرج الزاز، وإن كان ثم حمى وأنفق فهو متبرع.
فرع: إذا تملكها، ثم نوى أن يسقط [عنه] ملكه ويحفظها على مالكها، لم يسقط عنه الضمان، وهل يزول ملكه عنها؟ فيه وجهان في "الحاوي".
فإن قلنا: لا يزول، أو: لم يقصد حفظها لمالكها، ثم أفلس كان صاحبها أحق بها من الغرماء، وإذا اختار الأكل فأكل فظاهر كلام الشيخ: أنه لا يجب التعريف بعده كما هو ظاهر النص.
وبه قال بعض الأصحاب، وصححه القاضي الحسين. وحكي وجه آخر: أنه يجب، وأجري في وجوب إفراز القيمة من ماله بعد الأكل، كما سنذكره.
قال:"فإن وجد في البلد" أي: ما يمتنع من صغار السباع وما لا يمتنع منها "فهو لقطة يعرفها سنة"؛ لفقد ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم من العلة وهي الاستقلال؛ لأن الصغار والكبار يخاف عليها في البلد، ولأن البهائم في العمران لا تهمل،