وفي الصحراء [قد] تهمل وتسرح؛ فيحتمل أن صاحبها لم يصلها، وهذا هو الأصح، وبه قال أبو إسحاق. وحكم القرية وما جاورها حكم البلد.
قال:"إلا أنه إذا وجدها في البلد لا يأكل"؛ لإمكان البيع، "وفي الصحراء يأكل" أي: ما يجوز له التقاطه وهو مما لا يمتنع؛ لتعذر بيعه إلا بمشقة تحصل بسبب نقلها إلى البلد.
قال:"وقيل هو كما لو وجده في الصحراء لا يأخذ الممتنع، ويأخذ غير الممتنع"؛ لعموم الخبر، إلا أنه ليس له الأكل في البلد، وله الأكل في الصحراء، وهذا قد أثبته بعضهم وجهاً، وبعضهم قولاً.
وحكى عن القاضي أبي حامد حكاية طريقين آخرين:
أحدهما: القطع بالأول.
والثاني: القطع بالثاني.
وعنه: أنه يجوز الأكل في البلد أيضاً؛ قياساً على ما يتسارع إليه الفساد.
وعن صاحب "التقريب" وجه: أن ما لا يمتنع لا يلتقط في العمران؛ لأن الحيوان لا يكاد يضيع.
فرع: صغار ما لا يؤكل: كالجحش والفلو، يجوز التقاطها، وحكمه في الإمساك والبيع حكم المأكول، وهل يجوز تملكها في الحال؟ فيه وجهان:
أحدهم: نعم، كما يجوز أكل ما [لا] يؤكل.
وأصحهما: المنع؛ لأن الشاة إنما جاز أكلها للحديث.
قال:"وإن كان ما وجده مما لا يمكن حفظه كالهريسة وغيرها" أي: ما يتسارع إليه الفساد [كالشواء والبطيخ] والخيار "فهو مخير بين أن يأكل وبين أن يبيع" كما سبق في الغنم، والبيع أولى، فإن أكل عزل قيمته مدة التعريف وعرف، [أي: اللقطة]"سنة" أي: إذا كان في البلد، ثم "يتصرف فيها"؛ لأنه ليس له أن يتصرف في اللقطة قبل الحول، فإذا أكل أقيمت القيمة مقامها.