قال: فإن أذن له الحاكم، جاز؛ لأنه أمين، فإذا فوض إليه الحاكم، الإنفاق صار ولياً؛ كالوصي، وهذا ما جزم به القاضي أبو الطيب وابن الصباغ"، وقيل فيه قولان:
أصحهما: أنه يجوز كما ذكرناه.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه يكون قابضاً من نفسه ومقبضاً، وذلك ليس لغير الأب والجد.
قال الإمام بعد حكايته هذا الوجه عن العراقيين: وهذا لا أعرف له وجهاً، ولا آمن أن يكون غلطة من الناسخ.
قلت: قد يظهر وجهه على طريق من أوجب على الملتقط تسليم المال إلى الحاكم؛ فإنه إذا وجب كان في إنفاقه إسقاط لذلك الواجب فيتحد القابض والمقبض، لكن قد قلنا: إن الآجر لو أذن للمستأجر في صرف الأجرة في العمارة، جاز، ولم يخرج على اتحاد القابض والمقبض، وهذا أولى.
وعلى هذا قال الماوردي: ففي كيفية ما يفعل وجهان:
أحدهما: أنه يؤخذ من مال المنبوذ [القدر] الذي ينصرف في نفقته، ويدفع إلى أمين، يتولى شراء ما يحتاج إليه المنبوذ من طعام وكسوة، ثم يدفعه للملتقط حتى يطعمه ويكسوه؛ لأنه أحوط.
والثاني: يأخذ قدر النفقة، ثم يدفع إلى الملتقط؛ ليتولى شراء ذلك بنفسه؛ لما فيه من حق الولاية عليه.
قال: "وإن لم يكن حاكم، فأنفق من غير إشهاد، ضمن؛ لأنه ترك الاحتياط".