وفي "النهاية" وجه: أنه لا يضمن؛ فيجوز أن يكون عند تعذر الإشهاد، ويجوز أن يكون مع القرة عليه، وإلى ذلك أشار الرافعي بقوله: وفيه وجه: إما مطلقاً، وإما عند تعذر الإشهاد؛ كما ذكرنا في مسألة الجمال.
قال: وإن أشهد ففيه قولان، وقيل وجهان:
أحدهما: يضمن؛ لأنه أنفق بغير إذن معتبر، فكان كما لو أنفق مع وجود الحاكم؛ فعلى هذا: يدفع المال إلى أمين لينفقه عليه.
"والثاني: لا يضمن"؛ لأنه محل الحاجة؛ فإنه لا يجوز تضييع الصبي به، وهو أحق به من سائر الناس، وهذا أصح، وبه جزم المتولي.
قال القاضي الحسين: وهذا الخلاف كالخلاف فيما لو هرب الجمال، فأنفق المستأجر على الجمال بمحضر الشهود دون إذن الحاكم. ثم قال: ويمكن أن نفرق بأن هناك يريد أن يرجع على [الغير بمال؛ فلم يجز له ذلك، وفيما نحن فيه ليس يريد أن يرجع على] أحد بشيء.
وفي "الحاوي": أن من أصحابنا من جعل المستأجر يرجع، وجعل الملتقط ضامناً؛ لأن المستأجر مضطر إلى استيفاء حقه، وليس الملتقط مضطراً إلى التقاطه. ثم قال: وهذا لا وجه له؛ لأنه ربما وجده ضائعاً في مهلكة فلزمه أخذه.
وعلى الأصح قال مجلي: يجب أن يشهد في كل مرة.
قال:"فإن لم يكن له مال وجبت نفقته في بيت المال" أي: من سهم المصالح- كما صرح به الإمام وغيره- لقول عمر في خبر أبي جميلة:"لك ولاؤه وعلينا نفقته".
وقد روي أن عمر- رضي الله عنه- استشار الصحابة في نفقة اللقيط، فأجمعوا على أنها في بيت المال، كما حكاه القاضي الحسين والإمام. ولأن البالغ المعسر ينفق عليه من بيت المال؛ فاللقيط العاجز أولى.
قال:"فإن لم يكن في بيت المال شيء" أي: أو كان ولكن ثم ما هو أهم [من ذلك كسد ثغر] يعظم ضرره لو ترك "ففيه قولان: