هنا لا بد له من امرأة تكفله، وهي مساوية للأخرى في كونهما أجنبيتين.
قال:"وإن تساويا وتشاحا أقرع بينهما"؛ لتساويهما في الالتقااط، وتعذر اجتماعهما على حضانته؛ لما في ذلك من المشقة، وعدم إمكان المهايأة؛ لكونها تضر بالطفل لتبدل الأيدي وقطع الألفة واختلاف الأخلاق، وقد قال تعالى:{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ}[آل عمران: ٤٤] وعن ابن خيران- كما حكاه الماوردي والمصنف-: أنه لا يقرع بينهما بل الحاكم يجتهد، ويقدم من يراه أولى، فإن تساويا في نظره، فلا سبيل إلى التوقف. ونسب في "الوسيط" هذا الوجه لابن أبي هريرة، ولعلهما قالا: ولا يخير الصبي بينهما، وإن [كان ابن سبع فأكثر، كما يفعل بين الأبوين؛ لأن التعويل تم على الميل الناشئ من الولادة.
وقال الإمام: يجوز أن يقال: يخير، ويجعل اختياره أولى من القرعة. ثم إنه صور المسألة [إذا] التقطاه صغيراً، ثم لم يتفق انفصال الخصومة إلا بعد بلوغ الصبي سن التمييز. وهذا أحوجه إليه تردده في جواز التقاط المميز. وكلام القاضي الحسين وغيره مطلق.
وأيضاً: فإن بقاء اللقيط في يديهما هذه المدة مستبعد.
قال:"فإن ترك أحدهما حقه" أي: لو غاب "أقر في يد الآخر"؛ لأن المنع كان بحقه، وإلا فهو له حق الالتقاط.
"وقيل: يرفع [الأمر] إلى الحاكم حتى يقر في يد الآخر".
قال الرافعي: كما لو ترك حقه بعد خروج القرعة له؛ فإنا لا نجيز ذلك، وكما لو ترك المنفرد حقه، وسلم اللقيط لأمين بغير إذن الحاكم، وللحاكم على هذا أن يقرع بين الذي لم يترك وبين أمين آخر يعينه.
قال:"وليس بشيء"؛ لأن الحق [كان] لهما، فإذا ترك أحدهما حقه ثبت